- رُؤى تتعَلّقُ بأبي بكرٍ البغدادِيّ ( أميرِ جمَاعَةِ الدولَة ) -
· مَقْتَلُ البَغْدَادِيِّ:
في نهاية شهر الله المحرم 1435هـ وردتني رؤيا سمعتها من صاحبها- وهو ليس من المجاهدين ولا تربطهُ بهم أيُّ
صلةٍ-، قال فيها: "
رأيت في المنام هاتفًا يقول: أبو بكر البغدادي قُتل".
فَقُلْتُ : إنَّ رؤى الهواتف صريحةٌ لا تحتاج إلى تفسيرٍ غالبًا, وتدلُّ هذهِ الرؤيا على أنَّ البغدادي سَيُقْتَل,
وأخبرتُ بذلك بعض من حولي, وهذا القتلُ يَحْتَمِلُ أنْ يتعلقَ بشخصهِ، ويَحْتَملُ أنْ يكونَ رمزًا فيتعلق
القتل بجماعته ويكون معنى هذا أن الجماعة ستزول ولا تبقى, قال لي بعضهم: لعلها تزول في الشام,
فقلت: الرؤيا إذا تعلقت بجماعته فإنها ستزول في العراق والشام، والأظهر في التعبير أنها تتعلقُ بشخصهِ.
· البَغْدَادِيُّ وَ رُؤْيَا الوَزَغِ:
عندما وقعت الفتنة بينَ الدولة وغيرها من الفصائل المُجاهدة، وردتني رُؤيا حدّثني بِها أحدُ طلبةِ الشيخِ
عبدالعزيز الطريفِي - حفظه الله ورفع قدره -. قال لي إنَّ الشيخَ عبد العزيز الطريفي نفسَه حدَّثه بأنَّه رأى
فيما يرى النائم "
وزغةً تمشي على الجدارِ قدْ كُتب عليها اسمُ البغدادي, قال الشيخُ: فضربتُها ضربةً واحدةً فقتلتُها".
وحينما سمعت هذه الرؤيا أدركتُ أنَّ البغدادي وجماعته لن يرضوا بأي مشروعٍ فيه صلحٌ أو محكمةٌ مستقلةٌ
للفصل فيما بينهم وبين خصومهم, وأنَّ هذا سوف يتبين في الواقع من خلال رفضهم للصُلح والمحكمة
واستمرارهم في القتالِ ضد الآخرين، وأنه سيقع بسببهم شرٌّ وفسادٌ عظيمٌ على المسلمين.
ورمزُ
الوزغ رمزٌ مكروهٌ مشينٌ، يدلُ على الكيدِ والسعيِّ في الفتنةِ والإفسادِ, وقدْ رَغَّبَ الشرعُ في قتلهِ, وسيكون
ما يصدر عن الشيخ من فتاوى وبيانات وغير ذلك فيما يتعلق بالدولةِ أحد الأسبابِ المؤثرةِ في نهايةِ فتنة البغدادي،
وأنَّ هذا لن يستغرق وقتًا طويلًا - بإذنِ الله -؛ لأنَّهُ تمكنَ من القضاءِ على الوزغة من أولِ ضربة.
إن هذه الرؤيا فيها تحذيرٌ من أنَّ مسلكَ البغدادي وجماعته ليسَ مَرضيًّا ولا هو على وفْقِ الشرع،
وإلا لمَا جاء تصويرهُ في الرؤيا على شكلِ وزغة, وإنَّ من أوجهِ جوازِ العملِ بالرؤى ما جَاء على سبيل التحذير،
كما ذكر ذلك الشاطبي -رحمه الله - حيث قال: " ...والثالث: أن يكون فيه تحذيرٌ أو تبشيرٌ ليستعد لكلٍ عدته،
فهذا أيضًا جائزٌ ،كالإخبار عن أمرٍ ينزل إن لم يكن كذا، أو لا يكون إن فعل كذا؛ فيعمل على وفق ذلك
على وِزان الرؤيا الصالحة فله أن يجري بها مجرى الرؤيا " اهـ[1].
ولا يمكنُ العملُ بمقتضى هذهِ الرؤيا وما دَلَّتْ عليهِ من التحذيرِ من البغدادي وجماعته فيما يفعلونه إلّا
باعتزالهم وعدمِ القتالِ تحت رايتهم,
والمسلمُ لا يَحْقِرُ أمر الرؤى وما تدلُّ عليهِ من التحذير أو
التبشير؛ِ فإنَّ أمرَ الرؤى عظيمٌ، ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
كيف وقد كان بعضُ السلفِ - رحمهم الله - يتوقفُ عن تكفيرِ شخصٍ معينٍ بسببِ رؤيا رُؤيَت فيه تدل
على إسلامهِ، وهذا كما وقع للخليفة الراشد
عمر بن عبد العزيز - رحمه الله - الذي كان يُكَفِّرُ
الحجّاج بن
يوسف الثقفي, حتى رأى رؤيا في الحجاج وكان مما جاء في الرؤيا أنهُ ينتظر ما ينتظره الموحِّدون بعدَ أنْ
عذبهُ اللهُ بكلِ نفسٍ قتلها فتوقّف عُمر بن عبد العزيز عنْ تكفير الحجاج[2].
ولا يُظن بالخليفة - الذي أجمعت الأمة على أنَّهُ خليفةٌ راشدٌ - الجهْل، بل هو محل العلم والصدق والورع
والتقوى، وهناك أناسٌ قد يُطلقونَ أحكامَ التكفير على آخرين - في ظروفٍ شائكة -، وتكون هناك شُبُهاتٌ
أو موانع تمنع من تكفيرهم - لم يفطنوا لها - ، أو يكون تحقيق المَنَاطِ فيها مرتبطًا بأخبارٍ- ظنوا الثقة في رواتها
ومن أَخبَر بها - ؛ فتقعُ لأحدهم رؤيا مُحذِّرةٌ ومنبِّهةٌ له يعصمه الله بها من تكفير أخيه المسلم والخوض في دمه.
وأَقُولُ- كما قال غيري من العلماء والقادة وشيوخ الجهاد- بعدم جواز القتال تحت راية البغدادي؛ لأنَّ ما
يقوم به من قتال الفصائل الجهادية هو قتالٌ باطل وفيه ظلمٌ وجَورٌ واعتداء وبغي، وقد أوجبت النصوصُ
الشرعيةُ ترك هذا القتال، فإذا انضم إلى ذلك هذه الرؤيا الصادقة المحذرة؛ فلا مناص من العمل بها والتزام
ما أفتى به علماء الإسلام وقادة الجهاد وشيوخه.
وإذا ضَمَمتَ هذهِ الرؤيا إلى التي قبلها؛ تَأَكد لك ما سبق وأنْ قَرّرتُهُ في نهايةِ الدولة[3] - بموجب النصوص
الشرعية والرؤيا القديمة -، وظهر لك أن الممارسات والمواقف التي تتخذها الدولة ضدَّ خُصومها تجعلها
بالفعل تستحقُّ هذا الوصف
(الوزغ)؛ لأنْ الرؤيا من الله العليم ببواطنِ الأمورِ وما تصير إليه، ولا ننسى أنْ
رؤيا الملك فيما قصَّ اللهُ علينا في سورة يوسف كانت رؤيا حقٍ وصدقٍ - مع أنَّهُ كان كافرًا - وأن يوسفَ
- عليهِ السلام - قد عملَ بها، وكذا رؤيتا صاحبيِ السجنِ؛ فلا يصُدَّنك شيءٌ عن قُبولِ ما دلَّت عليه رؤيا
الوزغ وما تضمنته من تحذيرٍ بهذا الوصف للبغداديّ وجماعته.
وهذا التشبيهُ للبغداديّ وجماعتِهِ بـ(
الوزغ)، وما دلَّ عليهِ من معاني الكيدِ والفتنةِ والإفسادِ هو تشبيهٌ في
الجملةِ على سبيلِ العموم وليسَ على سبيلِ التعيين؛ فإنّ فيهم من يُظَنُّ فيه الخير - نحسبُهم واللهُ حسيبُهم،
ولا نُزكّي على اللهِ أحدًا -
لكنّ الفتنةَ قد يلتبسُ أمرُها وتَخفى حتى على الأكابرِ - كما وقعَ بينَ أصحابِ رسول
اللهِ- صلى اللهُ عليهِ وسلّم ورضيَ اللهُ عنهم -
فما الظنُّ بغيرهم؟
غيرَ أنَّهُ يجبُ عليهم بعد هذا البيانِ والتحذيرِ أنْ يعتزلوا البغداديّ وجماعتهُ والقتالَ معهم، ويخلعوا بيعته،
وإلّا أشركوهم في هذا الوصفِ الذميمِ- والعياذُ بالله-.
إنّ أمرَ الدّماءِ عظيمٌ وإنّما الطاعةُ في المعروف, ولا طاعةَ لمخلوقٍ في معصيةِ الله.
· البَغْدَادِيُّ يُقَبِّلُ رَأْسَ الظَّواهْرِيّ:
في ثنايا النزاعِ والخلافِ القائم بين الدولةِ والآخرين ، وفي شهر ربيع الأول[4] وردتني هذه الرؤيا, وقد توثقْت
منها، حيث رأى بعض الإخوة رؤيا قال فيها: "
رأيت كأن الشيخ البغدادي جاء فقبل رأس الشيخ أيمن الظواهري الذي كان جالسًا
وكان جسمه ضخمًا وذا بنيةٍ قوية".
فَرِحَ البعض وتهلّل، واستبشَر وقال بظاهر الرؤيا، وأنَّ البغدادي وجماعته قد يرجعون إلى القاعدةِ الأم،
ويلتزمون توجيهاتها؛ فتنتهي بذلك الفتنةُ بينَ المجاهدين في أرضِ الشام, فقلت: أسألُ الله أنْ تكونَ الرؤيا
على ظاهِرها فيما فَهِمَهُ الإخوة منها, وفي هذه الحال فإنَّ عودةَ البغدادي -أو جماعته- إلى القاعدة تعني انتهاء
الكيان المعروف بالدولة أو بالخلافة؛ لأنَّها متى ما رَجعت إلى القاعدة فقد نقضت كل ما قرره مُتحدثها،
وانتهى بذلك كيانها السياسي، ورجعت إلى كونها جماعة لها أمير يأتمرُ بأمر القاعدة فتكون فرعًا من فروعها
- لا أقل ولا أكثر-، وإنما يكونُ هذا الرجوع في ظروفٍ يَعظُم فيها أمر القاعدة من جديد؛ وذلك لأنَّ الجسم
الضخم والبنية القوية للظواهري إنّما هيَ رمزٌ للتنظيم وليس لشخصه.
ولكن الذي يظهر لي- بعد التأمل- أن تأويل الرؤيا هو أن البغدادي قد يحاول الاعتذار والرجوع إلى
القاعدة ولكن طلبه يُرفَض، وقد يطلب شيئًا آخر فيُواجَه طلبه بالرفض، ويكون ذلك في وقتٍ وظرفٍ
يعْظُم فيه أمر القاعدة بسبب عملٍ قامت به - كما تقدّم-، والله أعلم[5].
· الظَّوَاهِرِيُّ يُسَدِّدُ حَرْبَتَه إلى البَغْدَادِيّ:
قبلَ يومينِ أو ثلاثةٍ من نزول بيانِ القاعدةِ الذي أعْلَنتْ فيهِ عدمَ مسْؤوليتها عما تقومُ بهِ الدولةُ من أعمالٍ،
والذي اعتبرهُ البعضُ بمثابة براءةِ القاعدةِ من جماعةِ وتنظيمِ الدولةِ الإسلاميةِ في العراقِ والشامِ ، وردتني
هذهِ الرؤيا التي سمعتُها منْ صاحبها, قال فيها: "
رأيت الظواهري وفي يده حربةٌ رمى بها في قلب البغدادي".
فَقُلْتُ : سيصدرُ من الظواهري ما يكونُ سببًا في نهايةِ البغدادي وجماعتهِ؛ فإنَّ تسديدَ الحَربة للقلب تعني
إصابته في مقتل. وهناك وجهٌ آخر لتسديد الحربة إلى القلب، يُفَـسَّر بأن يصدُر من الظواهري عملٌ يؤدي
إلى القَلْبِ على البغْدادي - أي الانقلاب عليه -، والنتيجةُ واحدةٌ، والاختلافُ إنّما هُوَ في وجهِ التعبيرِ، فلمّا
نزلَ بيانُ القاعدة قلتُ: لا أدري هَل هذه هي حَرْبة الظواهري؟ أم أنَّ هناك عملًا آخر سيقوم به
الظواهري يكون أقوى وأعظم في حسم الموقف من الدولة وأميرها؛ يؤدي إلى تفرق الجمع عنه، وخلعه
ونبذه من قبل أتباعهِ؟
هناك احتمالٌ واردٌ أنّ هناك عملًا آخر سيقومُ به الظواهري يكون بمثابة الحَربة التي جاءت في هذه
الرؤيا[6]، وهذا كله يكون بتفسير الرؤيا بناءً على أن الظواهري فيها يرمز لشخصه.
وأما على الوجه الثاني في التعبير- وهو أن الظواهري يرمز لتنظيم القاعدة-، فإن الرُّؤيا تُفسّر بأن القاعدة
ستقوم بعمل- قد يكون عسكريًّا- يؤدي إلى القضاء على البغدادي وجماعته.
وهذه الرؤى كلها
تؤكد نهاية وزوال الدولة الإسلامية في العراق والشام ككيان سياسي أو خلافة.
· لقد اخترت هذه الرؤى التي أوردتها في هذا البيان دون غيرها من الرؤى التي
وردتني أو اطلعتُ عليها؛ للأمور التالية:
1- كونها رؤى قصيرة ورموزها قليلةٌ ولا يختلف في تعبيرها المعبرون : فهي من قَبيل الرؤى المحكمة
وإليها تُرد الرؤى الأخرى المُحْتمِلة للتعبيرِ بأكثرَ من وجه، أو الرؤى التي قد يختلفُ فيها أهلُ
التعبيرِ.
2- كونها رؤى ليس لأهلها علاقة بالمجاهدين : فهم ليسوا منهم - في هذا الوقت على الأقل - ، وهذا
يبعد معه أن تكون من قَبيل حديث النفس, بخلاف الرؤى الكثيرة الموجودة على الشبكة والتي
صدرت عن أناس إما أن يكونوا جنودًا في الدولة أو من أتباعها ومناصريها فيتطرق إليها حديث
النفس بقوة.
3- كونها رؤى مرموزة : أي تشتمل على رموزٍ تحتاج إلى تفسير، وليست رؤًى صريحةً يمكن أن
يدخلها حديث النفس.
فمن رأى البغدادي يقبلُ الظواهري وجسمهُ ضخمٌ لا يدرك معنى هذا الرمز، وكان يمكن أن يراه
يقبل رأسه ولكن جسمه وبنيته عادية، وهنا يمكن أن يتطرق إليها حديث النفس؛ لأنَّ الغالب
أنه يحب أن يرجع البغدادي إلى طاعة الظواهري وتنتهي بذلك الفتنة، فلما جاءت الرؤيا على
هذا النحو من ضخامة الظواهري وقوة بنيته دل ذلك على أنَّها ليستْ من حديث النفس.
كذلك الأمر مع رؤيا الشيخ الطريفي - وفقه الله - (للوزغ)؛ فكان يُمكن أن يرى أنه يقتل
البغدادي مباشرةً إما بضربه بالسيف، أو بإطلاق الرصاص عليه، أو ما شابه ذلك؛ فهنا يمكن
أن تكونَ من حديث النفس - مع أنَّها لو جاءت على هذا النحو لكان تعبيرها مختلفًا -.
ثم إنَّ هناك رمزًا اشتملت عليه الرؤيا وهو الجدارُ الذي كانت تمشي عليهِ الوزغة؛ فالجدار
والسور قد يرمزانِ إلى الجهادِ والقتال كما قال الله- تعالى-: {إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلَّذِينَ يُقَٰتِلُونَ فِي سَبِيلِهِۦ
صَفّٗا كَأَنَّهُم بُنۡيَٰنٞ مَّرۡصُوص}[7], والبنيان المرصوص هو سورٌ أو جدارٌ, وعلى هذا يكون المعنى
لمشي الوزغة على الجدار- وقد كُتب عليها البغدادي- ، ثُمَّ ضَرْبُ الشيخِ لها وقتْلها يدلُّ على أنَّ
البغدادي وجماعتَهُ ساعون في إفسادِ أمر الجهاد في الشام، متطفِّلون عليه، وسيُقيِّضُ الله لهم
من يَحْصِدهم ويُفرِّقُ جماعتهم بالعلم والشرع والبيان، وبالتحذير والقتال, وبغير ذلك من الأسباب
التي ستكشف خطأ وفسادَ ما يقومون به.
إنَّ الرُّؤى لا تتناقض؛ فكُلُّهَا من عندِ اللهِ ولا ينسخُ بعضها بعضًا؛ لأنَّها من علمِ
الله وعلمُ الله ليس فيه نَسْخٌ، وإنَّما يقعُ الخطأُ في الرُّؤيا بِسببِ التفسيرِ أو الاعتقادِ
بأنَّها رؤيا وهيَ إنَّما تكونُ من حديث النفس.
· قَتَلْنَا إِخْوانَنَا مِنَ الإِمَارَات:
وهذه رؤيا رآها أحد الإخوة قبل حصول الفتنة والقتال بين المجاهدين بفترة, يقول فيها: "
رأيت فيما يرى
النائم كأني في الشام في معسكرٍ للدولة، وفيه شبابٌ أعرفهم, ثم رأيت جنودًا مُقبلين علينا, فهبَّ الشبابُ
للسلاحِ وخرجوا لهم لقتالهم، فعدتُ للمعسكر؛ لكي آخذَ سلاحي، فقمتُ بالبحث عنهُ حتى وجدته، فقمت
أُعَبِّيهِ بالذخيرةِ، فتأخرتُ على الإخوةِ، ثُمَّ خرجتُ لهم وقدْ انتهى قتالهم مع هؤلاء الجنود، وقد قَتلوا هؤلاء
الجنود، فوجدتُهم يقولون: لا حول ولا قوةَ إلا بالله، قتلنا إخواننا من الإمارات! وكان أحد هؤلاء
(الإماراتيين) به رَمَقُ حياةٍ يكادُ يموت, فضمَّهُ أحدُ شبابِ الدولةِ وقال له: سامحني يا أخي, فقال له: عفا
الله عنك - أو مثل ذلك -, فقلت أنا: الحمد لله أنّي ما شاركتُ معكم -كررتُها-".
فَقُلْتُ لَهُ : الحمد لله؛ عصمك الله من الفتنة، ولمْ تذهب إليها بقدميك وتشارك في هذا القتال.
والرؤيا واضحةٌ بينةٌ في أن الأخ سيقتل أخاهُ، وقد لا يتبين له ذلك إلا بعد توقف القتال وانجلاءِ الفتنة،
وأما معنى قوله: " قتلنا إخواننا من الإمارات"، فالإمارات هنا رمزٌ لا يتعلق بدولة الإمارات العربية
المتحدة، وإنما رمزٌ للإمارات كجمعٍ لمُفردة " إمارة" أي: الجماعات المقاتلة التي على رأس كل منها أمير.
والقائل في الرؤيا جملة : " قتلنا إخواننا من الإمارات" هو من أنصارِ الدولةِ وجنودها في الواقع, وسوف
يقعُ الندمُ على ما حصل، ويتبيّن أنهم إنما قتلوا إخوانهم المسلمين وليس الكفار المرتدين- كما أفتاهم بذلك
شرعيو الدولة -، والله المستعان.
أخي المُجَاهِد في صفُوفِ الدَّولَة والمُنَاصِرُ لها : ها هي رؤيا ثانيةٌ تُؤكِّد لك أنّ ما يحصل فتنة، وأنّ
قتالكَ للآخرين إنما هو قتالٌ لإخوانك - وإن غُلِّفَ هذا القتال بغلافِ الشرعِ، وأفتى الشرعيون في الدولة
بأنَّك إنّما تقُاتلُ مُرتدّين أو بُغاةً أو غير ذلك من الأوصاف والمسميات - ؛ فإنَّ الله العليم بما يكونُ والخبير
ببواطنِ الأمورِ هو الذي أوحى بهذهِ الرؤيا إلى هذا الرائي قبلَ حدوثِ الفتنة والقتال؛ ليحصُلَ بها التنبيهُ
والتحذير, وها هيَ قدْ بلَغَتْكَ حتى تُزيلَ عنكَ اللبسَ وتوضحَ لك الحقيقة.
تَذَكّر أنك ستقف بين يدي الله، وسيسألك عن هذه الدماء، ولن ينفعكَ تقليدُك لفتاوى الشرعيين في
الدولةِ، وقد جاءكَ النصح من كل عالمٍ وشيخٍ وقائدٍ- في الجهاد وفي غير الجهاد- فأعرضتَ عن ذلك،
وجاءتك هذهِ الرُّؤى التي تَكْشِفُ لكَ ما خَفي عنك:
فماذا أنتَ قائل لربك إذا سألكَ يومَ القيامةِ عن هذا
العلمِ الذي وصلك؟
ولقد قال نبيك - صلى الله عليه وسلم - :"
البِرُّ ما اطمأنَّتْ إليه النفسُ، واطمأنَّ إليه القلبُ،
والإثمُ ما حاكَ في النفسِ وتردَّدَ في الصدرِ، وإن أفتاك الناسُ وأفتوك"[8]،
فهل تطمئن نفسك لقتال
إخوانك وأنت تحت راية البغدادي بعد هذا البيان والتحذير ؟
ولقد قال نبيك - صلى الله عليه وسلم -: "
دَعْ ما يَريبُكَ إلى ما لا يَريبُكَ"[9]، أفليس في هذا القتال رِيبةٌ
بعد أن بلغتْك هذه الحُجج وهذه الرؤى- وظني فيك وفي كل المجاهدين تعظيمك للرؤيا وإيمانك بها -؟
لا تقل إني رأيت أوإني سمعت رؤيا؛ فإنك في خِضَمِّ هذه الأحداث قد تقع لك رؤى إنما هي حديث نفسٍ
- سواءً كانت لك أو لغيرك ممن هم حولك -، وربما عرضْتَها على معبرٍ حولك ممن هو معك في الدولة؛ فيتأثر
تعبيره بما هو جارٍ ولا يُوفّق للتجرد والإنصاف، وأنا لا أزكي نفسي بل الله يزكي من يشاء، وإليك هذه الرؤيا
حتى يطمئن قلبك:
· الشَّبَابُ يَخْتَلِفُونَ إلى طَائِفَتَيْنِ:
في عام 1428هـ وفي شهرِ صفر، رأى أحدُ الإخوةِ الرؤيا التالية, قال: "
رأيت كأن أمرًا حدثَ، وانقسمَ الشبابُ
إلى قسمينِ، واختلفوا إلى طائفتين, قال: فنزلتُ حتى أُبصرهم وما هُم عليهِ فوجدتهم طائفتين: طائفةٌ تصلي إلى غير
القبلةِ، وطائفةٌ تصلي إلى القبلةِ، وكنتَ أنتَ يا شيخ مَجَالِي مع من يُصلُّونَ إلى القبلة".
فَقُلْتُ لَهُ وَقْتَهَا : ستقعُ فتنةٌ، وينقسمُ فيها الشبابُ إلى قسمينِ ويختلفونَ إلى طائفتين, طائفةٌ على غيرِ الحقِّ
فيما ذهبتْ إليه, وطائفةٌ على الحقِّ فيما ذهبتْ إليه، وسيَتَبَين لكَ- إنْ شاءَ اللهُ- أنَّي مع الطائفةِ التي اختارتِ
الحقَّ وذهبتْ إليه.
ومنذ ذلك الوقت لم تقع فتنةٌ انقسم فيها الشباب في الجزيرةِ بل في العالم الإسلامي بأسره إلى قسمين - كما هو
حاصلٌ الآن - , فطائفةٌ تؤيد الدولة وتناصرها, وطائفةٌ لا تؤيد الدولة؛ بسبب مواقفها في هذه الفتنة، وإني
بيَّنتُ هذا البيان لإخواني من أتباعِ الدولةِ ومناصريها، وسيتبين لهم وللرائي أنني كنتُ مُصيبًا وعلى حقٍّ فيما
بيَّنتُهُ وقررتُه في شأنِ الدولةِ في هذا البيان - بإذنِ اللهِ تعالى -.
أخي المُجَاهِد المُبَارك جُنْدِيَّ الدَّولةِ أوْ مُنَاصرها : أعلمُ أنَّكَ إنَّما اخترتَ الدولةَ كجماعةٍ تُقاتِلُ
معها؛ لأنَّك تَعْتقدُ أنَّها ستتمددُ وستكونُ دولةَ الخلافة - وذلكَ الأمْل الذي تنشُدهُ وتحلمُ بهِ -، ولكنّي بيَّنتُ
لكَ أنَّ أمْرَها إلى انحسارٍ وانكماشٍ وزوالٍ؛ بدلالةِ النصوصِ والآثارِ النبويةِ المتعلقةِ بآخرِ الزمانِ- والتي
تُؤمن بها وتعْتَقِدُ صِدقها-، وبدلالةِ الرؤى القديمةِ والحديثةِ التي تدل على نِهايتها وعودةِ حُكمِ البعْثِ للعراقِ,
فما الذي يُبقيك فيها بعد هذا ؟!
إنَّ دولتكَ التي تُقاتلُ معها لن يكونَ لها دَورٌ في نُصرةِ الخليفةِ الرَّاشدِ المهْدي؛ لأنَّها بعد براءةِ القاعدةِ منها
لم تَعُدْ من أتباعِ القحطاني
(أسامة بن لادن)، ولا مِنْ الرَّاياتِ السُّودِ الذين هُم أتباعُ القحطاني الذين يُشكّلون
القاعدة؛ فالدولةُ بعد إعلانِ البراءةِ منها لم تَعُدْ من القاعدةِ - لا شكلًا ولا موضُوعًا-، وخَرَجَتْ عن وَصْفِ
الرَّاياتِ السُّود.
وأَنْتَ عندما خرجْتَ إنَّما خرجتَ لتُقاتلَ في سبيلِ اللهِ؛ تنْصُرُ إخوانكَ المُسْلمينَ في الشامِ، وتَدْفعُ عنهم
ما نَزَلَ بِهم من الظُلم، وهذا المقصودُ يمكن أن تُحصّله بالقتالِ مع كُلِّ جماعةٍ، وتحتَ كُلِّ رَايةٍ زكَّاها العُلماءُ وقادةُ الجهادِ
وشيوخُه، الذين ظَلَلْتَ سنينَ طويلةً تَدينُ لهم بالفضلِ والمحبةِ والولاء, ولا يَعْرفُ الفضلَ لأهلِ الفضلِ إلّا أهلُ
الفضل، فكُنْ منهم.
هدانِي الله وإياكَ للصوابِ وشرحَ صُدورنا للحق ولما دلَّتْ عليهِ نُصوصُ السُّنّة والكِتابِ وعَصَمَنا
جميعًا مِنْ مُضلاتِ الفِتَنِ أو أنْ نتَورطَ في سَفْكِ دماءِ المُسلمينَ عامةً والمُجاهدينِ خاصة[10].
· البَغْدَادِيُّ يصلِّي عَلَى جَنَازَتِهِ:
هذه الرؤيا انتشرتْ في الإنترنت، وفي مواقع التواصل الاجتماعي، وطارَ بها وفَرِحَ أتْبَاعُ الدولةِ ومُنَاصِرُوها.
يقول صاحبُ الرؤيا: "
رأيتُ كأنَّ الشيخ أبا بكرٍ البغداديِّ يُصلي إمامًا في الحَرمِ، وخَلْفَهُ قادةُ الجِهَادِ، وكان
يصلي على جنازة، فلما كُشف عن الجنازة كانت هي البغدادي نفسه", وفسّرها البعضُ بأنها بشارةٌ بأنَّ
البغداديَّ سيُصبح إمامًا أو خليفةً عامًا للمسلمين!!
إن الإمامة ترمزُ إلى تقدُّم الشخصِ للقيامِ بأمرٍ أو عمل, وإنَّ جنازةَ البغدادي هنا قد ترمزُ لموتِه أو موت
جماعتهِ؛ فموتُ القائدِ موتُه أو موتُ جماعتهِ - أي انتهاؤها وزوالها وتفرقها وتمزقها - , ويكونُ معنى الرؤيا أنَّ
البغدادي سيتقدمُ للقيامِ بعملٍ يقودُ فيهِ أتباعهُ إلى ما فيهِ حتفُه أو نهايةُ جماعته, وأنَّهُ سَيُتَوَدَّعُ منهُ قريبًا
بفضيحةٍ يفضحه الله بها[11]، والله المستعان[12].
ولا شكَّ أنَّ هناكَ فرقًا بينَ أنْ يكونَ الشخصُ إمامًا للحرمِ أو في مسجدٍ آخر، لكن الذي غيّر وجه
التعبيرِ في الإمامةِ هنا كون الشخص الإمام يُصلي على جنازته, ووالله الذي لا إلهَ إلّا هُوَ قد وردتني رُؤى
كَثيرةٌ يرى فيها أصحابها أو يُرى لهم أنهم يَؤمُّون النَّاسَ في الحرمِ المكي،
ولا يُعقل أبدًا أن نأخذ بظاهرِ الرؤيا
ونُبشر هؤلاءِ كلهم بأنّهم سيصبحون حكامًا بل خلفاءَ في هذه الأمة..!
إن الشواهد المُحْتَفَّة بالإمامةِ في الرؤيا هي التي تُبين نوعَ العملِ الذي سيتقدم إليه الشخص؛ ففي بعضِ
الأحيانِ تكونُ السورة التي يقرؤها شاهدًا مُعتبَرًا، وفي أحيانٍ أخرى تكون الآية التي وقف عليها في القراءةِ
شاهدًا مُعتبَرًا، ولو أردتُ بسطَ الكلامِ في هذا الأمر وتعدادَ تفسيراته لطال الحديث.
وأَرْجِعُ فَأَقُوْلُ : إنَّ الرُّؤى كلها من عند الله، لا تتناقض - إنْ كانت صادقة -،وهذه الرُّؤيا
فيما يظهر هيَ رؤيا صحيحة وصادقة ليست مُختلقة ولا مكذوبة, فتعبيرُها على ما بَيَّنْتُ مما
يتفق مع القواعد والأصول في علم التعبير.
وعلى تقدير صحة تعبير الرمز بكونه إمامًا في الحرم بأنه سيصبح خليفة- وقد أصبح خليفة في :
1/9/ 1435هـ، فيبقى الرمز الآخر المُتعلِّق بكونه جنازة تم الكشف عن وجهها فتبين أن البغدادي
صاحبها، فماذا يعني ذلك؟
إنه- بكل وضوح- يعني أنه سيُتودّع منه قريبًا بعد أن يظهر الله سره، ويكشف ستره بفضيحة قد تؤدِّي إلى
قتله، وننتظر وقوع هذا قريبًا إن شاء الله.
· النَّبِيُّ يَقْتُلُ اَلْبَغْدَادِيِّ:
وفي 8/5/1435هـ حدثني أحدهم برؤيا رآها, فقال: "
رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - مُمْسِكًا بمقبض
سيْفهِ وقد طعنَ البغدادي في بطنه طعنةَ قتلته, ثُمَّ رأيتُ رجلًا آخر وقعَ في نفسي في الرؤيا أنَّ اسمه مُحمد
البغدادي وكأنَّ الصورة وقتَ الطعنِ تتردد بين النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وبينَ هذا الرجل الذي كان
خلف النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -, وخُيّلَ إليَّ أنّهُ شاركَ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - في القتل".
لقد كانَ حقُّ هذه الرؤيا أن تُجْعَلَ في أوائل الرؤى لكون النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فيها؛ ولكنّني
وضعتها هنا مراعاة لزمنِ وتأريخِ الرؤى ابتداءً من نهاية المحرم لعام 1435هـ وحتى هذا التاريخ, ولربما قدّرَ
اللهُ أن يأتيَ ترتيبها في هذا الموضع ؛ حتى تُزيل ما في نفسِ القارئ من شكٍّ فيما سبق من الرؤى وتأويلها.
ولقد استوثقتُ من الرائي في سماع هذه الرؤيا منه أكثر من مرةٍ، وطرحتُ عليه المُعتاد من الأسئلةِ في
شأنِ الرؤى عامة, وفي شأنِ هذا النوع من الرؤى خاصةً - مع أنّه ليس من المجاهدين في الشام ولا في
غيرها -, وبعد ذلك ذكرتُ الرؤيا على النحو الذي كتبتُه وسطرتُه هنا, ولا أظنُّ أنَّ تعبيرها يخفى على
القارئ, وهي تدل- بوضوحٍ وجلاءٍ- على أنَّ نهاية البغدادي حقٌّ- لا مِرْية فيه ولا شكّ-، وأنَّ هذا كائنٌ
- بإذن الله-.
ولكن الرؤيا أشارت إلى شخصٍ مجهولٍ وقع في نفس الرائي أن اسمه (محمد البغدادي)، وهذا قد يعني
- والعلم عند الله - أنَّ نهايته ربما كانت على يد شخص من أتباعه وجنوده.
وهكذا فإنك ترى عددًا من الرؤى تتفقُ على معنًى واحد، ألا وهو
نهاية البغدادي ومن ثَمَّ زوالُ وتفرق
دولته, وإنّ رؤياً واحدةً كافيةٌ للدلالة على هذا الأمر, ولكنَّ تواطؤ الرؤى له من القوةِ العلمية ما ليس
للرؤيا الواحدة[13]، وفي هذه الرُّؤيا دلالة على أن قتل البغدادي وقتاله حق؛ وذلك لأنَّ النبي- صلى الله عليه
وسلم- هو من يقتله، وسيأتي ذكر الحكم الشرعي المبيِّن لذلك في بيان الموقف الشرعي من قتال الدولة.
· عليٌّ يَطْعَنُ اَلْبَغْدَادِيّ:
وفي شهر شعبان، وقبل إعلان الخلافة سمعت هذه الرؤيا من صاحبها يقول فيها:
"
رأيتَ علي بن أبي طالب- رضي الله عنه- يطعنُ بسيفه البغدادي ".
وهذه رؤيا أخرى
تؤكد الرؤيا السابقة، وفيها إشارة واضحة إلى أمر يعرفه كل من عرف التاريخ وسيرة أمير
المؤمنين علي بن أبي طالب- رضي الله عنه-؛ فإنه- رضي الله عنه- لم يقاتل خلال فترة خلافتهِ جماعةً قاتلها
وقضى عليها إلا الخوارج، ففي الرؤيا ما يُستأنس به في قبول قول من وصف البغدادي وجماعته بأنهم
خوارجُ أو غُلاة, وبهذا يتبين أنَّه لا يجوز - بأي حال من الأحوال- البيعة للبغدادي، ولا الانضمام لجماعته
والقتال تحت رايته، و يتبين أنّ من وصفهم بالخوارج أو الغلاة له حظٌّ من النظر تؤيده هذه الرؤيا؛ فاختر
يا عبد الله أن تكون في صف النبي- صلى الله عليه وسلم- وعلي- رضي الله عنه-، أو في صف البغدادي وجماعةِ دولته!
ولا يخفى -كما تقدَّم في رؤيا " النبيّ يقتل البغداديّ"- ما تُشير إليه هذه الرؤيا من كون البغدادي على باطل,
وإنَّما أعرضنا عن قول من قال إنَّ الرؤيا فيها إشارة إلى أنَّ البغداديَّ لا يخرج عن أحدِ وصفين, وأنَّه إما
أن يكون من الخوارج أو البغاة، واقتصرنا على وصفه بأنَّهُ من الخوارج؛ لأنَّ البُغاةَ كانوا من الصحابة -رضي
الله عنهم- والبغدادي ليس كذلك!
فالذين قاتلهم علي -رضي الله عنه- ولم يكونوا من الصحابة هم الخوارج, وكذلك فإنَّ الرؤيا فيها قتله، وقتله
يعني القضاء عليه, وإنَّما قضى علي -رضي الله عنه- على الخوارج.
وأمَّا الصحابة المُتأوِّلون المجتهدون، فلم يحصل القضاء عليهم, وإنَّما دار بينه وبينهم ما هوَ معروف ولا
يخفى!
والنصوص إنَّما امتدحت عليًّا -رضي الله عنه- في قتاله للخوارج, وأمَّا في قتاله للصحابة فقد كانت النصوص
تأمر باعتزال القتال والفتنة, والرؤيا هنا فيها قتل علي -رضي الله عنه- للبغدادي , وهيَ إنَّما تأتي على وفق
ما امتدحته الشريعة وليس على وفق ما ذمته الشريعة.
ولله الحمد والمِنَّة على ما مَنَّ به من العلم والفَهْم.
· اَلْبَغْدَادِيُّ حَجَّاجُ هَذَا اَلْعَصْرِ:
وفي 4/5/1435هـ سمعتُ هذهِ الرؤيا من صاحبها, يقول:
"
رأيتُ وكأنَّ مئةَ ألفٍ اجتمعوا وكأنّهم حول دمشق لمنعِ الحَجّاجِ من القتلِ".
فَقُلْتُ لَهُ: إنَّ هذه الرؤيا تعني أنَّ هناك اجتماعًا بين المجاهدين سيحصُلُ لمنعِ شخصٍ صفتهُ أنَّهُ ظالمٌ وقادمٌ
من العراقِ؛ وذلك لمنعهِ من العدوانِ والبغي وسفكِ الدماءِ بغير حق, وهؤلاء المجتمعون قد اجتمعوا لمنعِ
شخصٍ عراقيٍّ ظالمٍ يسفكُ الدماءَ بدونِ وجهِ حق.
وإنّكَ إذا تأملتَ في الواقع، فلن تجد شخصًا قادرًا على القتالِ وله جماعةٌ وشوكةٌ قادمًا من العراقِ إلّا (
أبا
بكرٍ البغدادي), فقال لي الرائي مقاطعًا:
لماذا لا يكونُ الحجاجُ رمزًا لبشار؟
قلتُ: لكن ظلم بشار واضحٌ غير خافٍ, والرؤيا لا تأتي لتقرير ما هوَ معلومٌ لدى النَّاس؛ فهذا من تحصيلِ
الحاصل, وإنما تأتي الرؤيا لتكشف أمرًا غائبًا أو ملتبِسًا عليهم؛ فيحصلَ بذلك التوضيح والتنبيه.
أضف إلى ذلكَ أنَّ شأنَ بشار- من حيثُ كونه نُصيريًّا وبعثيًّا- واضحٌ لدى الأكثرين، وأنَّه ليس من الإسلامِ
في شيء, بخلاف الحجاجِ؛ فإنَّ الأكثر على وصفه بأنَّهُ مسلمٌ ظالم، ولذلك فإنّني أرى أنَّ رمزَ الحجاجِ في
هذهِ الرؤيا يَتَنَزَّلُ على (
أبي بكرٍ البغدادي), وأنَّهُ يسفكُ الدماء بدونِ وجهِ حقٍّ، وعلى هذا فإنه سوف
يحصل اجتماعٌ للناس من مجاهدين وغيرهم[14] لقتاله - وذلك لكفِّ شرهِ وأذاه - ، فيحصل ذلك، ويتبينُ
للناس أنَّ هذا الذي اجتمعوا لكفِّ أذاهُ وشرهِ ومنعهِ من ممارسة القتل كالحجاجِ، وأنَّهُ ظالمٌ تتنزَّلُ الرؤيا
عليه ويحصلُ لهم بذلكَ من الطُمأنينةِ والراحةِ فيما قاموا بهِ ضدَّهُ, وأنَّ من افتاهم وأشارَ عليهم بقتاله لم يكن
مُخطئًا.
والمجاهدون إذا قاموا بهذا العمل والاجتماعِ لقتاله فإنهم لا يستندون إلى هذهِ الرؤيا، ولا إلى غيرها فقط،
وإنما يستندونَ إلى ما يُفتي به أهلُ العلمِ وقادةُ الجهادِ وشيوخُه, وفائدة هذه الرؤيا حصولُ الإنذارِ
والتحذيرِ للبغدادي وجماعته، وهو من مقاصدِ الرؤى ومما جاءت لأجلهِ.
وهي كذلك مؤنِسةٌ مبشرةٌ لكل من وقف ضده وضد جماعته؛ لمنعهم من القتل وإراقة الدماء - بدون وجه
حق - , وأنّهم إنّما يُقاتلون ظالمًا، فإذا انضم إلى هذه الرؤيا ما سبقها من رؤيا النبي- صلى الله عليه وسلم-،
وعلي- رضي الله عنه- حصل بذلك من الاستئناس القوي بهذه الرؤى المجتمعة ما يشجع على قتال
البغدادي لو أراد المجاهدون الاجتماع لذلك، وسيفعلون- إن شاء الله- كما تدل الرؤيا[15].
وهذه الرُّؤى توافق رؤيا الشيخ عبد العزيز الطريفي - حفظه الله – التي صوّرت البغدادي بصورة
(
الوزغة) !
فنسألُ اللهَ أن يُزيلَ اللبس في أمر هذهِ الجماعةِ وأميرها، ويظهر الحقّ فيما يتعلق بهم
وبغيرهم للموجودين على أرضِ الشامِ - خاصةً - وللأمّةِ عامة, ويوفقنا وإياهم للعملِ بما ظهرَ
من الحق، ويوفق المجاهدين لاتخاذ القرار الصائب في التعامل مع حجّاج هذا العصر، إنَّهُ
على كُلِّ شيءٍ قدير[16]