![]() |
#16
|
|||
|
|||
![]() [ 17 ] قوله حدثنا أبو الوليد هو الطيالسي قوله جبر بفتح الجيم وسكون الموحدة وهو بن عتيك الأنصاري وهذا الراوي ممن وافق اسمه اسم أبيه قوله آية الإيمان هو بهمزة ممدودة وياء تحتانية مفتوحة وهاء تأنيث والإيمان مجرور بالإضافة هذا هو المعتمد في ضبط هذه الكلمه في جميع الروايات في الصحيحين والسنن والمستخرجات والمسانيد والآية العلامة كما ترجم به المصنف ووقع في اعراب الحديث لأبي البقاء العكبري أنه الإيمان بهمزة مكسورة ونون مشددة وهاء والإيمان مرفوع وأعربه فقال أن للتأكيد والهاء ضمير الشأن والإيمان مبتدأ وما بعده خبر ويكون التقدير أن الشأن الإيمان حب الأنصار وهذا تصحيف منه ثم فيه نظر من جهة المعنى لأنه يقتضي حصر الإيمان في حب الأنصار وليس كذلك فإن قيل واللفظ المشهور أيضا يقتضي الحصر وكذا ما أورده المصنف في فضائل الأنصار من حديث البراء بن عازب الأنصار لا يحبهم الا مؤمن فالجواب عن الأول أن العلامة كالخاصة تطرد ولا تنعكس فإن أخذ من طريق المفهوم فهو مفهوم لقب لا عبرة به سلمنا الحصر لكنه ليس حقيقيا بل ادعائيا للمبالغه أو هو حقيقي لكنه خاص بمن أبغضهم من حيث النصرة والجواب عن الثاني أن غايته أن لا يقع حب الأنصار الا لمؤمن وليس فيه نفي الإيمان عمن لم يقع منه ذلك بل فيه أن غير المؤمن لا يحبهم فإن قيل فعلى الشق الثاني هل يكون من أبغضهم منافقا وإن صدق وأقر فالجواب أن ظاهر اللفظ يقتضيه لكنه غير مراد فيحمل على تقييد البغض بالجهة فمن أبغضهم من جهة هذه الصفة وهي كونهم نصروا رسول الله صلى الله عليه وسلم أثر ذلك في تصديقه فيصح أنه منافق ويقرب هذا الحمل زيادة أبي نعيم في المستخرج في حديث البراء بن عازب من أحب الأنصار فبحبي أحبهم ومن أبغض الأنصار فببغضي أبغضهم ويأتي مثل هذا في الحب كما سبق وقد أخرج مسلم من حديث أبي سعيد رفعه لا يبغض الأنصار رجل يؤمن بالله واليوم الآخر ولأحمد من حديثه حب الأنصار إيمان وبغضهم نفاق ويحتمل أن يقال أن اللفظ خرج من معنى التحذير فلا يراد ظاهره ومن ثم لم يقابل الإيمان بالكفر الذي هو ضده بل قابله بالنفاق إشارة إلى أن الترغيب والترهيب إنما خوطب به من يظهر الإيمان أما من يظهر الكفر فلا لأنه مرتكب ما هو أشد من ذلك قوله الأنصار هو جمع ناصر كاصحاب وصاحب أو جمع نصير كاشراف وشريف واللام فيه للعهد أي أنصار رسول الله صلى الله عليه وسلم والمراد الأوس والخزرج وكانوا قبل ذلك يعرفون ببني قيلة بقاف مفتوحة وياء تحتانية ساكنة وهي الأم التي تجمع القبيلتين فسماهم رسول الله صلى الله عليه وسلم الأنصار فصار ذلك علما عليهم وأطلق أيضا على أولادهم وحلفائهم ومواليهم وخصوا بهذه المنقبة العظمى لما فازوا به دون غيرهم من القبائل من ايواء النبي صلى الله عليه وسلم ومن معه والقيام بأمرهم ومواساتهم بأنفسهم وأموالهم وايثارهم إياهم في كثير من الأمور على أنفسهم فكان صنيعهم لذلك موجبا لمعاداتهم جميع الفرق الموجودين من عرب وعجم والعداوة تجر البغض ثم كان ما اختصوا به مما ذكر موجبا للحسد والحسد يجر البعض فلهذا جاء التحذير من بغضهم والترغيب في حبهم حتى جعل ذلك آية الإيمان والنفاق تنويها بعظيم فضلهم وتنبيها على كريم فعلهم وأن كان من شاركهم في معنى ذلك مشاركا لهم في الفضل المذكور كل بقسطه وقد ثبت في صحيح مسلم عن على أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له لا يحبك الا مؤمن ولا يبغضك الا منافق وهذا جار باطراد في أعيان الصحابة لتحقق مشترك الاكرام لما لهم من حسن الغناء في الدين قال صاحب المفهم وأما الحروب الواقعة بينهم فإن وقع من بعضهم بغض فذاك من غير هذه الجهة بل للأمر الطاريء الذي اقتضى المخالفة ولذلك لم يحكم بعضهم على بعض بالنفاق وإنما كان حالهم في ذاك حال المجتهدين في الأحكام للمصيب أجران وللمخطيء أجر واحد والله أعلم
__________________
![]() http://www.youtube.com/watch?v=LGADlbdA3TI |
#17
|
|||
|
|||
![]() وهم من بعض الرواة والله أعلم ويعكر على ذلك التصريح في رواية بن إسحاق من طريق الصنابحي عن عبادة أن بيعة ليلة العقبة كانت على مثل بيعة النساء واتفق وقوع ذلك قبل أن تنزل الآية وإنما اضيفت إلى النساء لضبطها بالقرآن ونظيره ما وقع في الصحيحين أيضا من طريق الصنابحي عن عبادة قال إني من النقباء الذين بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال بايعناه على أن لا نشرك بالله شيئا الحديث فظاهر هذا اتحاد البيعتين ولكن المراد ما قررته أن قوله إني من النقباء الذين بايعوا أي ليلة العقبة على الايواء والنصر وما يتعلق بذلك ثم قال بايعناه الخ أي من وقت آخر ويشير إلى هذا الإتيان بالواو العاطفة في قوله وقال بايعناه وعليك برد ما أتى من الروايات موهما بأن هذه البيعة كانت ليلة العقبة إلى هذا التأويل الذي نهجت إليه فيرتفع بذلك الاشكال ولا يبقى بين حديثي أبي هريرة وعبادة تعارض ولا وجه بعد ذلك للتوقف في كون الحدود كفارة وأعلم أن عبادة بن الصامت لم ينفرد برواية هذا المعنى بل روى ذلك على بن أبي طالب وهو في الترمذي وصححه الحاكم وفيه من أصاب ذنبا فعوقب به في الدنيا فالله أكرم من أن يثني العقوبة على عبده في الآخرة وهو عند الطبراني بإسناد حسن من حديث أبي تميمة الهجيمي ولأحمد من حديث خزيمة بن ثابت بإسناد حسن ولفظه من أصاب ذنبا أقيم عليه ذلك الذنب فهو كفارة له وللطبراني عن بن عمرو |
#18
|
|||
|
|||
![]() قوله باب قول النبي صلى الله عليه وسلم هو مضاف بلا تردد قوله أنا اعلمكم كذا في رواية أبي ذر وهو لفظ الحديث الذي أورده في جميع طرقه وفي رواية الأصيلي أعرفكم وكأنه مذكور بالمعنى حملا على ترادفها هنا وهو ظاهر هنا وعليه عمل المصنف قوله وان المعرفة بفتح أن والتقدير باب بيان أن المعرفة وورد بكسرها وتوجيهه ظاهر وقال الكرماني هو خلاف الرواية والدراية قوله لقوله تعالى مراده الاستدلال بهذه الآية على أن الإيمان بالقول وحده لا يتم الا بانضمام الاعتقاد إليه والاعتقاد فعل القلب وقوله بما كسبت قلوبكم أي بما استقر فيها والاية وأن وردت في الإيمان بالفتح فالاستدلال بها في الإيمان بالكسر واضح للاشتراك في المعنى إذ مدار الحقيقة فيهما على عمل القلب وكأن المصنف لمح بتفسير زيد بن أسلم فإنه قال في قوله تعالى لا يؤاخذكم الله باللغو في ايمانكم قال هو كقول الرجل أن فعلت كذا فأنا كافر قال لا يؤاخذه الله بذلك حتى يعقد به قلبه فظهرت المناسبه بين الآية والحديث وظهر وجه دخولهما في مباحث الإيمان فإن فيه دليلا على بطلان قول الكرامية أن الإيمان قول فقط ودليلا على زيادة الإيمان ونقصانه لأن قوله صلى الله عليه وسلم أنا أعلمكم بالله ظاهر في أن العلم بالله درجات وأن بعض الناس فيه أفضل من بعض وأن النبي صلى الله عليه وسلم منه في أعلى الدرجات والعلم بالله يتناول ما بصفاته وما بأحكامه وما يتعلق بذلك فهذا هو الإيمان حقا فائدة قال إمام الحرمين أجمع العلماء على وجوب معرفة الله تعالى واختلفوا في أول واجب قال العلامة بن باز حفظه الله الصواب ما ذكره المحققون من أهل العلم أن أول واجب هو شهادة أن لا إله إلا الله علما وعملا وهي أول شيء دعا إليه الرسل وسيدهم وإمامهم بينا محمد صلى الله عليه وسلم أول شيء دعا إليه أن قال لقومه قولوا لا إله إلا الله تفلحوا ولما بعث معاذا إلى اليمن قال له فليكن أول تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله ولأن التوحيد شرط لصحة جميع العبادات كما يدل عليه قوله تعالى ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون فقيل المعرفة وقيل النظر وقال المقترح لا اختلاف فان أول واجب خطابا ومقصودا المعرفة وأول واجب اشتغالا وأداء القصد إلى النظر وفي نقل الإجماع نظر كبير ومنازعة طويلة حتى نقل جماعة الإجماع في نقيضه واستدلوا باطباق أهل العصر الأول على قبول الإسلام ممن دخل فيه من غير تنقيب والآثار في ذلك كثيرة جدا وأجاب الأولون عن ذلك بان الكفار كانوا يذبون عن دينهم ويقاتلون عليه فرجوعهم عنه دليل على ظهور الحق لهم ومقتضى هذا أن المعرفة المذكورة يكتفى فيها بأدنى نظر لخلاف ما قرروه ومع ذلك فقول الله تعالى فاقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها وحديث كل مولود يولد على الفطرة ظاهر أن في دفع هذه المسألة من أصلها وسيأتي مزيد بيان لهذا في كتاب التوحيد إن شاء الله تعالى وقد نقل القدوة أبو محمد بن أبي جمرة عن أبي الوليد الباجي عن أبي جعفر السمناني وهو من كبار الاشاعرة أنه سمعه يقول أن هذه المسألة من مسائل المعتزلة بقيت في المذهب والله المستعان وقال النووي في الآية دليل على المذهب الصحيح أن افعال القلوب يؤاخذ بها أن استقرت وأما قوله صلى الله عليه وسلم أن الله تجاوز لأمتي عما حدثت به أنفسها ما لم تكلم به أو تعمل فمحمول على ما إذا لم تستقر قلت ويمكن أن يستدل لذلك من عموم قوله أو تعمل لأن الاعتقاد هو عمل القلب ولهذه المسأله تكملة تذكر في كتاب الرقاق |
#19
|
|||
|
|||
![]() [ 22 ] قوله حدثنا إسماعيل هو بن أبي أويس عبد الله بن عبد الله الأصبحي المدني بن أخت مالك وقد وافقه على رواية هذا الحديث عبد الله بن وهب ومعن بن عيسى عن مالك وليس هو في الموطأ قال الدارقطني هو غريب صحيح قوله يدخل للدارقطني من طريق إسماعيل وغيره يدخل الله وزاد من طريق معن يدخل من يشاء برحمته وكذا له وللاسماعيلى من طريق بن وهب قوله مثقال حبة بفتح الحاء هو إشارة إلى ما لا أقل منه قال الخطابي هو مثل ليكون عيارا في المعرفة لا في الوزن لأن ما يشكل في المعقول يرد إلى المحسوس ليفهم وقال إمام الحرمين الوزن للصحف المشتمله على الأعمال ويقع وزنها على قدر أجور الأعمال وقال غيره يجوز أن تجسد الأعراض فتوزن وما ثبت من أمور الآخرة بالشرع لا دخل للعقل فيه والمراد بحجة الخردل هنا ما زاد من الأعمال على أصل التوحيد لقوله في الرواية الأخرى اخرجوا من قال لا إله إلا الله وعمل من الخير ما يزن ذرة ومحل بسط هذا يقع في الكلام على حديث الشفاعة حيث ذكره المصنف في كتاب الرقاق قوله في نهر الحياء كذا في هذه الرواية بالمدينة ولكريمة وغيرها بالقصر وبه جزم الخطابي وعليه المعنى لأن المراد كل ما تحصل به الحياة والحيا بالقصر هو المطر وبه تحصل حياة النبات فهو أليق بمعنى الحياة من الحياء الممدود الذي هو بمعنى الخجل قوله الحبة بكسر أوله قال أبو حنيفة الدينوري الحبة جمع بزور النبات واحدتها حبة بالفتح وأما الحب فهو الحنطة والشعير واحدتها حبة بالفتح أيضا وإنما افترقا في الجمع وقال أبو المعالي في المنتهى الحبة بالكسر بزور الصحراء مما ليس بقوت قوله قال وهيب أي بن خالد حدثنا عمرو أي بن يحيى المازني المذكور قوله الحياة بالخفض على الحكاية ومراده أن وهيبا وافق مالكا في روايته لهذا الحديث عن عمرو بن يحيى بسنده وجزم بقوله في نهر الحياة ولم يشك كما شك مالك فائدة أخرج مسلم هذا الحديث من رواية مالك فابهم الشاك وقد يفسر هنا |
#20
|
|||
|
|||
![]()
|
#21
|
|||
|
|||
![]() [ 28 ] قوله على من عرفت ومن لم تعرف وبيان كونه من الإسلام تقدم في باب إطعام الطعام مع بقية فوائده وغاير المصنف بين شيخيه اللذين حدثاه عن الليث مراعاة للاتيان بالفائده الاسناديه وهي تكثير الطرق حيث يحتاج إلى إعادة المتن فإنه لا يعيد الحديث الواحد في موضعين على صوره واحدة فإن قيل كان يمكنه أن يجمع الحكمين في ترجمه واحدة ويخرج الحديث عن شيخيه معا أجاب الكرماني باحتمال أن يكون كل من شيخيه أورده في معرض غير المعرض الآخر وهذا ليس بطائل لأنه متوقف على ثبوت وجود تصنيف مبوب لكل من شيخيه والأصل عدمه ولان من اعتنى بترجمة كل من قتيبة وعمرو بن خالد لم يذكر أن لواحد منهما تصنيفا على الأبواب ولأنه لزم منه أن البخاري يقلد في التراجم والمعروف الشائع عنه أنه هو الذي يستنبط الأحكام في الأحاديث ويترجم لها ويتفنن في ذلك بما لا يدركه فيه غيره ولأنه يبقى السؤال بحاله إذ لا يمتنع معه أن يجمعهما المصنف ولو كان سمعهما مفترقين والظاهر من صنيع البخاري أنه يقصد تعديد شعب الإيمان كما قدمناه فخص كل شعبة بباب تنويها بذكرها وقصد التنويه يحتاج إلى التاكيد فلذلك غاير بين الترجمتين قوله وقال عمار هو بن ياسر أحد السابقين الأولين وأثره هذا أخرجه أحمد بن حنبل في كتاب الإيمان من طريق سفيان الثوري ورواه يعقوب بن شيبه في مسنده من طريق شعبة وزهير بن معاوية وغيرهما كلهم عن أبي إسحاق السبيعي عن صلة بن زفر عن عمار ولفظ شعبة ثلاث من كن فيه فقد استكمل الإيمان وهو بالمعنى وهكذا رويناه في جامع معمر عن أبي إسحاق وكذا حدث به عبد الرزاق في مصنفه عن معمر وحدث به عبد الرزاق بأخرة فرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم كذا أخرجه البزار في مسنده وابن أبي حاتم في العلل كلاهما عن الحسن بن عبد الله الكوفي وكذا رواه البغوي في شرح السنة من طريق أحمد بن كعب الواسطي وكذا أخرجه بن الأعرابي في معجمه عن محمد بن الصباح الصنعاني ثلاثتهم عن عبد الرزاق مرفوعا واستغربه البزار وقال أبو زرعة هو خطا قلت وهو معلول من حيث صناعة الإسناد لأن عبد الرزاق تغير بآخرة وسماع هؤلاء منه في حال تغيره الا أن مثله لا يقال بالراي فهو في حكم المرفوع وقد رويناه مرفوعا من وجه آخر عن عمار أخرجه الطبراني في الكبير وفي إسناده ضعف وله شواهد أخرى بينتها في تغليق التعليق قوله ثلاث أي ثلاث خصال واعرابه نظير ما مر في قوله ثلاث من كن فيه والعالم بفتح اللام والمراد به هنا جميع الناس والاقتار القله وقيل الافتقار وعلى الثاني فمن في قوله من الاقتار بمعنى مع أو بمعنى عند قال أبو الزناد بن سراج وغيره إنما كان من جمع الثلاث مستكملا للإيمان لأن مداره عليها لأن العبد إذا اتصف بالإنصاف لم يترك لمولاه حقا واجبا عليه الا أداه ولم يترك شيئا مما نهاه عنه الا اجتنبه وهذا يجمع أركان الإيمان وبذل السلام يتضمن مكارم الأخلاق والتواضع وعدم الاحتقار ويحصل به التالف والتحابب والإنفاق من الاقتار يتضمن غاية الكرم لأنه إذا أنفق مع الاحتياج كان مع التوسع أكثر انفاقا والنفقه أعم من أن تكون على العيال واجبه ومندوبه أو على الضيف والزائر وكونه من الاقتار يستلزم الوثوق بالله والزهد في الدنيا وقصر الأمل وغير ذلك من مهمات الآخرة وهذا التقرير يقوي أن يكون الحديث مرفوعا لأنه يشبه أن يكون كلام من أوتي جوامع الكلم والله أعلم |
#22
|
|||
|
|||
![]() قوله باب هو منون وقوله المعاصي مبتدأ ومن أمر الجاهلية خيره والجاهليه ما قبل الإسلام وقد يطلق في شخص معين أي في حال جاهليته وقوله ولا يكفر بتشديد الفاء المفتوحه وفي رواية أبي الوقت بفتح أوله واسكان الكاف وقوله الا بالشرك أي أن كل معصيه تؤخذ من ترك واجب أو فعل محرم فهي من أخلاق الجاهلية والشرك أكبر المعاصي ولهذا استثناه ومحصل الترجمة أنه لما قدم أن المعاصي يطلق عليها الكفر مجازا على إرادة كفر النعمه لا كفر الجحد أراد أن يبين أنه كفر لا يخرج عن الملة خلافا للخوارج الذين يكفرون بالذنوب ونص القرآن يرد عليهم وهو قوله تعالى ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء فصير ما دون الشرك تحت إمكان المغفره والمراد بالشرك في هذه الآية الكفر لأن من جحد نبوة محمد صلى الله عليه وسلم مثلا كان كافرا ولو لم يجعل مع الله إلها آخر والمغفره منتفية عنه بلا خلاف وقد يرد الشرك ويراد به ما هو أخص من الكفر كما في قوله تعالى لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين قال بن بطال غرض البخاري الرد على من يكفر بالذنوب كالخوارج ويقول أن من مات على ذلك يخلد في النار والايه ترد عليهم لأن المراد بقوله ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء من مات على كل ذنب سوى الشرك وقال الكرماني في استدلاله بقول أبي ذر عيرته بأمه نظر لأن التعيير ليس كبيرة وهم لا يكفرون بالصغائر قلت استدلالة عليهم من الآية ظاهر ولذلك اقتصر عليه بن بطال وأما قصة أبي ذر فإنما ذكرت ليستدل بها على أن من بقيت فيه خصلة من خصال الجاهلية سوى الشرك لا يخرج عن الإيمان بها سواء كانت من الصغائر أم الكبائر وهو واضح واستدل المؤلف أيضا على أن المؤمن إذا أرتكب معصية لا يكفر بان الله تعالى أبقى عليه اسم المؤمن فقال وان طائفتان من المؤمنين اقتتلوا ثم قال انما المؤمنون إخوة فاصلحوا بين اخويكم واستدل أيضا بقوله صلى الله عليه وسلم إذا التقي المسلمان بسيفيهما فسماهما مسلمين مع التوعد بالنار والمراد هنا إذا كانت المقاتلة بغير تأويل سائغ واستدل أيضا بقوله صلى الله عليه وسلم لأبي ذر فيك جاهلية أي خصلة جاهلية مع أن منزلة أبي ذر من الإيمان في الذروة العالية وإنما وبخه بذلك على عظيم منزلته عنده تحذيرا له عن معاودة مثل ذلك لأنه وأن كان معذورا بوجه من وجوه العذر لكن وقوع ذلك من مثله يستعظم أكثر ممن هو دونه وقد وضح بهذا وجه دخول الحديثين تحت الترجمة وهذا على مقتضى هذه الرواية رواية أبي ذر عن مشايخه لكن سقط حديث أبي بكرة من رواية المستملي وأما رواية الأصيلي وغيره فأفرد فيها حديث أبي بكرة بترجمة وان طائفتان من المؤمنين وكل من الروايتين جمعا وتفريقا حسن والطائفه القطعيه من الشيء ويطلق على الواحد فما فوقه عند الجمهور وأما اشتراط حضور أربعة في رجم الزاني مع قوله تعالى وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين فالايه وارده في الجلد ولا اشتراط فيه والاشتراط في الرجم بدليل آخر وأما اشتراط ثلاثة في صلاة الخوف مع قوله تعالى فلتقم طائفة منهم معك فذاك لقوله تعالى ولياخذوا اسلحتهم فذكره بلفظ الجمع واقله ثلاثة على الصحيح |
#23
|
|||
|
|||
![]() [ 32 ] قوله حدثنا أبو الوليد هو الطيالسي قوله وحدثني بشر هو في الروايات المصححه بواو العطف وفي بعض النسخ قبلها صورة ح فإن كانت من أصل التصنيف فهي مهملة مأخوذه من التحويل على المختار وإن كانت مزيدة من بعض الرواة فيحتمل أن تكون مهملة كذلك أو معجمة مأخوذه من البخاري لأنها رمزه أي قال البخاري وحدثني بشر وهو بن خالد العسكري وشيخه محمد هو بن جعفر المعروف بغندر وهو أثبت الناس في شعبة ولهذا أخرج المؤلف روايته مع كونه أخرج الحديث عاليا عن أبي الوليد واللفظ المساق هنا لفظ بشر وكذلك أخرج النسائي عنه وتابعه بن أبي عدي عن شعبة وهو عند المؤلف في تفسير الأنعام وأما لفظ أبي الوليد فساقه المؤلف في قصة لقمان بلفظ أينا لم يلبس ايمانه بظلم وزاد فيه أبو نعيم في مستخرجه من طريق سليمان بن حرب عن شعبة بعد قوله إن الشرك لظلم عظيم فطابت أنفسنا واقتضت رواية شعبة هذه أن هذا السؤال سبب نزول الآية الأخرى التي في لقمان لكن رواه البخاري ومسلم من طريق أخرى عن الأعمش وهو سليمان المذكور في حديث الباب ففي رواية جرير عنه فقالوا أينا لم يلبس ايمانه بظلم فقال ليس بذلك الا تسمعون إلى قول لقمان وفي رواية وكيع عنه فقال ليس كما تظنون وفي رواية عيسى بن يونس أنما هو الشرك ألم تسمعوا إلى ما قال لقمان وظاهر هذا أن الآية التي في لقمان كانت معلومة عندهم ولذلك نبههم عليها ويحتمل أن يكون نزولها وقع في الحال فتلاها عليهم ثم نبههم فتلتئم الروايتان قال الخطابي كان الشرك عند الصحابة أكبر من أن يلقب بالظلم فحملوا الظلم في الآية على ما عداه يعني من المعاصي فسألوا عن ذلك فنزلت هذه الآية كذا قال وفيه نظر والذي يظهر لي إنهم حملوا الظلم على عمومه الشرك فما دونه وهو الذي يقتضيه صنيع المؤلف وإنما حملوه على العموم لأن قوله ظلم نكره في سياق النفي لكن عمومها هنا بحسب الظاهر قال المحققون أن دخل على النكرة في سياق النفي ما يؤكد العموم ويقويه نحو من في قوله ما جاءني من رجل أفاد تنصيص العموم وإلا فالعموم مستفاد بحسب الظاهر كما فهمه الصحابة من هذه الآية وبين لهم النبي صلى الله عليه وسلم أن ظاهرها غير مراد بل هو من العام الذي أريد به الخاص فالمراد بالظلم أعلى انواعه وهو الشرك فإن قيل من أين يلزم أن من لبس الإيمان بظلم لا يكون آمنا ولا مهتديا حتى شق عليهم والسياق إنما يقتضي أن من لم يوجد منه الظلم فهو آمن ومهتد فما الذي دل على نفي ذلك عمن وجد منه الظلم فالجواب أن ذلك مستفاد من المفهوم وهو مفهوم الصفة أو مستفاد من الاختصاص المستفاد من تقديم لهم على الأمن أي لهم الأمن لا لغيرهم كذا قال الزمخشري في قوله تعالى إياك نعبد وقال في قوله تعالى كلا أنها كلمة هو قائلها تقديم هو على قائلها يفيد الاختصاص أي هو قائلها لا غيره فإن قيل لا يلزم من قوله إن الشرك لظلم عظيم أن غير الشرك لا يكون ظلما فالجواب أن التنوين في قوله لظلم عظيم وقد بين ذلك استدلال الشارع بالايه الثانية فالتقدير لم يلبسوا إيمانهم بظلم عظيم أي بشرك إذ لا ظلم أعظم منه وقد ورد ذلك صريحا عند المؤلف في قصة إبراهيم الخليل عليه السلام من طريق حفص بن غياث عن الأعمش ولفظه قلنا يا رسول الله أينا لم يظلم نفسه قال ليس كما تقولون لم يلبسوا إيمانهم بظلم بشرك أو لم تسمعوا إلى قول لقمان فذكر الآية واستنبط منه المازري جواز تأخير البيان عن وقت الحاجة ونازعه القاضي عياض فقال ليس في هذه القصه تكليف عمل بل تكليف اعتقاد بتصديق الخبر واعتقاد التصديق لازم لأول وروده فما هي الحاجة ويمكن أن يقال المعتقدات أيضا تحتاج إلى البيان فلما أجمل الظلم حتى تناول إطلاقه جميع المعاصي شق عليهم حتى ورد البيان فما انتفت الحاجة والحق أن في القصه تأخير البيان عن وقت الخطاب لأنهم حيث احتاجوا إليه لم يتأخر قوله ولم يلبسوا أي لم يخلطوا تقول لبست الأمر بالتخفيف البسه بالفتح في الماضي والكسر في المستقبل أي خلطته وتقول لبست الثوب البسه بالكسر في الماضي والفتح في المستقبل وقال محمد بن إسماعيل التميمي في شرحه خلط الإيمان بالشرك لايتصور فالمراد إنهم لم تحصل لهم الصفتان كفر متأخر عن إيمان متقدم أي لم يرتدوا ويحتمل أن يراد إنهم لم يجمعوا بينهما ظاهرا وباطنا أي لم ينافقوا وهذا أوجه ولهذا عقبه المصنف بباب علامات المنافق وهذا من بديع ترتيبه ثم في هذا الإسناد رواية ثلاثة من التابعين بعضهم عن بعض وهم الأعمش عن شيخه إبراهيم بن يزيد النخعي عن خاله علقمة بن قيس النخعي والثلاثة كوفيون فقهاء وعبد الله الصحابي هو بن مسعود وهذه الترجمة أحد ما قيل فيه أنه أصح الأسانيد والأعمش موصوف بالتدليس ولكن في رواية حفص بن غياث التي تقدمت الإشارة إليها عند المؤلف عنه حدثنا إبراهيم ولم أر التصريح بذلك في جميع طرقه عند الشيخين وغيرهما الا في هذا الطريق وفي المتن من الفوائد الحمل على العموم حتى يرد دليل الخصوص وأن النكرة في سياق النفي تعم وأن الخاص يقضي على العام والمبين على المجمل وأن اللفظ يحمل على خلاف ظاهره لمصلحة دفع التعارض وأن درجات الظلم تتفاوت كما ترجم له وأن المعاصي لا تسمى شركا وأن من لم يشرك بالله شيئا فله الأمن وهو مهتد فإن قيل فالعاصي قد يعذب فما هو الأمن والاهتداء الذي حصل له فالجواب أنه أمن من التخليد في النار مهتد إلى طريق الجنة والله أعلم |
#24
|
|||
|
|||
![]() [ 34 ] قوله تابعه شعبة وصل المؤلف هذه المتابعه في كتاب المظالم ورواية قبيصة عن سفيان وهو الثوري ضعفها يحيى بن معين وقال الشيخ محيي الدين إنما أوردها البخاري على طريق المتابعة لا الاصاله وتعقبه الكرماني بأنها مخالفه في اللفظ والمعنى من عدة جهات فكيف تكون متابعه وجوابه أن المراد بالمتابعه هنا كون الحديث مخرجا في صحيح مسلم وغيره من طرق أخرى عن الثوري وعند المؤلف من طرق أخرى عن الأعمش منها رواية شعبة المشار إليها وهذا هو السر في ذكرها هنا وكأنه فهم أن المراد بالمتابعه حديث أبي هريرة المذكور في الباب وليس كذلك إذ لو أراده لسماك شاهدا وأما دعواه أن بينهما مخالفة في المعنى فليس بمسلم لما قررناه آنفا وغايته أن يكون في أحدهما زيادة وهي مقبولة لأنها من ثقة متقن والله أعلم فائده رجال الإسناد الثاني كلهم كوفيون الا الصحابي وقد دخل الكوفة أيضا والله أعلم |
#25
|
|||
|
|||
![]() [ 39 ] قوله حدثنا عبد السلام بن مطهر أي بن حسام البصري وكنيته أبو ظفر بالمعجمة والفاء المفتوحتين قوله حدثنا عمر بن علي هو المقدمي بضم الميم وفتح القاف والدال المشدده وهو بصري ثقة لكنه مدلس شديد التدليس وصفه بذلك بن سعد وغيره وهذا الحديث من افراد البخاري عن مسلم وصححه وأن كان من رواية مدلس بالعنعنه لتصريحه فيه بالسماع من طريق أخرى فقد رواه بن حبان في صحيحه من طريق أحمد بن المقدام أحد شيوخ البخاري عن عمر بن على المذكور قال سمعت معن بن محمد فذكره وهو من افراد معن بن محمد وهو مدني ثقة قليل الحديث لكن تابعه على شقه الثاني بن أبي ذئب عن سعيد أخرجه المصنف في كتاب الرقاق بمعناه ولفظه سددوا وقربوا وزاد في آخره والقصد القصد تبلغوا ولم يذكر شقه الأول وقد اشرنا إلى بعض شواهده ومنها حديث عروة الفقيمي بضم الفاء وفتح القاف عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن دين الله يسر ومنها حديث بريدة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عليكم هديا قاصدا فإنه من يشاد هذا الدين يغلبه رواهما أحمد وإسناد كل منهما حسن قوله ولن يشاد الدين الا غلبة هكذا في روايتنا بإضمار الفاعل وثبت في رواية بن السكن وفي بعض الروايات عن الأصيلي بلفظ ولن يشاد الدين أحد الا غلبه وكذا هو في طرق هذا الحديث عند الإسماعيلي وأبي نعيم وابن حبان وغيرهم والدين منصوب على المفعوليه وكذا في روايتنا أيضا واضمر الفاعل للعلم به وحكى صاحب المطالع أن أكثر الروايات برفع الدين على أن يشاد مبني لما لم يسم فاعله وعارضه النووي بان أكثر الروايات بالنصب ويجمع بين كلاميهما بأنه بالنسبة إلى روايات المغاربة والمشارقة ويؤيد النصب لفظ حديث بريدة عند أحمد أنه من شاد هذا الدين يغلبه ذكره في حديث آخر يصلح أن يكون هو سبب حديث الباب والمشادة بالتشديد المغالبة يقال شاده يشاده مشادة إذا قاواه والمعنى لا يتعمق أحد في الأعمال الدينيه ويترك الرفق الا عجز وانقطع فيغلب قال بن المنير في هذا الحديث علم من أعلام النبوة فقد رأينا ورأى الناس قبلنا أن كل متنطع في الدين ينقطع وليس المراد منع طلب الاكمل في العبادة فإنه من الأمور المحمودة بل منع الافراط المؤدي إلى الملال أو المبالغة في التطوع المفضي إلى ترك الأفضل أو إخراج الفرض عن وقته كمن بات يصلي الليل كله ويغالب النوم إلى أن غلبته عيناه في آخر الليل فنام عن صلاة الصبح في الجماعة أو إلى أن خرج الوقت المختار أو إلى أن طلعت الشمس فخرج وقت الفريضة وفي حديث محجن بن الاردع عند أحمد إنكم لن تنالوا هذا الأمر بالمبالغة وخير دينكم اليسرة وقد يستفاد من هذا الإشارة إلى الأخذ بالرخصة الشرعيه فإن الأخذ بالعزيمة في موضع الرخصه تنطع كمن يترك التيمم عند العجز عن استعمال الماء فيفضي به استعماله إلى حصول الضرر قوله فسددوا أي الزموا السداد وهو الصواب من غير إفراط ولا تفريط قال أهل اللغه السداد التوسط في العمل قوله وقاربوا أي أن لم تستطيعوا الأخذ بالاكمل فاعملوا بما يقرب منه قوله وأبشروا أي بالثواب على العمل الدائم وأن قل والمراد تبشير من عجز عن العمل بالاكمل بان العجز إذا لم يكن من صنيعه لا يستلزم نقص أجره وأبهم المبشر به تعظيما له وتفخيما قوله واستعينوا بالغدوة أي استعينوا على مداومة العبادة بايقاعها في الأوقات المنشطة والغدوة بالفتح سير أول النهار وقال الجوهري ما بين صلاة الغداة وطلوع الشمس والروحة بالفتح السير بعد الزوال والدلجة بضم أوله وفتحه واسكان اللام سير آخر الليل وقيل سير الليل كله ولهذا عبر فيه بالتبعيض ولان عمل الليل أشق من عمل النهار وهذه الأوقات أطيب أوقات المسافر وكأنه صلى الله عليه وسلم خاطب مسافرا إلى مقصد فنبهه على أوقات نشاطه لأن المسافر إذا سافر الليل والنهار جميعا عجز وانقطع وإذا تحرى السير في هذه الأوقات المنشطه امكنته المداومه من غير مشقة وحسن هذه الاستعارة أن الدنيا في الحقيقة دار نقلة إلى الاخره وأن هذه الأوقات بخصوصها أروح ما يكون فيها البدن للعبادة وقوله في رواية بن أبي ذئب القصد القصد بالنصب فيهما على الإغراء والقصد الأخذ بالأمر الأوسط ومناسبة إيراد المصنف لهذا الحديث عقب الأحاديث التي قبله ظاهرة من حيث أنها تضمنت الترغيب في القيام والصيام والجهاد فأراد أن يبين أن الأولى للعامل بذلك أن لا يجهد نفسه بحيث يعجز وينقطع بل يعمل بتلطف وتدرج ليدوم عمله ولا ينقطع ثم عاد إلى سياق الأحاديث الدالة على أن الأعمال الصالحة معدودة من الإيمان فقال باب الصلاة من الإيمان |
#26
|
|||
|
|||
![]() [ 41 ] قال مالك هكذا ذكره معلقا ولم يوصله في موضع آخر من هذا الكتاب وقد وصله أبو ذر الهروي في روايته للصحيح فقال عقبة أخبرناه النضروي هو العباس بن الفضل قال حدثنا الحسن بن إدريس قال حدثنا هشام بن خالد حدثنا الوليد بن مسلم عن مالك به وكذا وصله النسائي من رواية الوليد بن مسلم حدثنا مالك فذكره أتم مما هنا كما سيأتي وكذا وصله الحسن بن سفيان من طريق عبد الله بن نافع والبزار من طريق إسحاق الفروي والإسماعيلي من طريق عبد الله بن وهب والبهيقي في الشعب من طريق إسماعيل بن أبي أويس كلهم عن مالك أخرجه الدارقطني من طرق أخرى عن مالك وذكر أن معن بن عيسى رواه عن مالك فقال عن أبي هريرة بدل أبي سعيد وروايته شاذة ورواه سفيان بن عيينة عن زيد بن أسلم عن عطاء مرسلا ورويناه في الخلعيات |
#27
|
|||
|
|||
![]() قوله باب زيادة الإيمان ونقصانه تقدم له قبل بستة عشر بابا باب تفاضل أهل الإيمان في الأعمال وأورد فيه حديث أبي سعيد الخدري بمعنى حديث أنس الذي أورده هنا فتعقب عليه بأنه تكرار وأجيب عنه بأن الحديث لما كانت الزيادة والنقصان في باعتبار الأعمال أو باعتبار التصديق ترجم لكل من الاحتمالين وخص حديث أبي سعيد بالأعمال لأن سياقه ليس فيه تفاوت بين الموزونات بخلاف حديث أنس ففيه التفاوت في الإيمان القائم بالقلب من وزن الشعيرة والبرة والذرة قال بن بطال التفاوت في التصديق على قدر العلم والجهل فمن قل علمه كان تصديقه مثلا بمقدار ذرة والذي فوقه في العلم تصديقه بمقدار برة أو شعيرة إلا أن أصل التصديق الحاصل في قلب كل أحد منهم لا يجوز عليه النقصان ويجوز عليه الزيادة بزيادة العلم والمعاينة انتهى وقد تقدم كلام النووي في أول الكتاب بما يشير إلى هذا المعنى ووقع الاستدلال في هذه الآية بنظير ما أشار إليه البخاري لسفيان بن عيينة أخرجه أبو نعيم في ترجمته من الحلية من طريق عمرو بن عثمان الرقي قال قيل لابن عيينة إن قوما يقولون الإيمان كلام فقال كان هذا قبل أن تنزل الأحكام فأمر الناس أن يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها عصموا دماءهم وأموالهم فلما علم الله صدقهم أمرهم بالصلاة ففعلوا ولو لم يفعلوا ما نفعهم الإقرار فذكر الأركان إلى أن قال فلما علم الله ما تتابع عليهم من الفرائض وقبولهم قال اليوم أكملت لكم دينكم الآية فمن ترك شيئا من ذلك كسلا أو مجونا أدبناه عليه وكان ناقص الإيمان ومن تركها جاحدا كان كافرا انتهى ملخصا وتبعه أبو عبيد في كتاب الإيمان له فذكر نحوه وزاد أن بعض المخالفين لما ألزم بذلك أجاب بأن الإيمان ليس هو مجموع الدين إنما الدين ثلاثة أجزاء الإيمان جزء والأعمال جزآن لأنها فرائض ونوافل وتعقبه أبو عبيد بأنه خلاف ظاهر القرآن وقد قال الله تعالى إن الدين عند الله الإسلام والإسلام حيث أطلق مفردا دخل فيه الإيمان كما تقدم تقريره فإن قيل فلم أعاد في هذا الباب الآيتين المذكورتين فيه وقد تقدمن في أول كتاب الإيمان فالجواب أنه أعادهما ليوطىء بهما معنى الكمال المذكور في الآية الثالثة لأن الاستدلال بهما نص في الزيادة وهو يستلزم النقص وأما الكمال فليس نصا في الزيادة بل هو مستلزم للنقص فقط واستلزامه للنقص يستدعي قبوله الزيادة ومن ثم قال المصنف فإذا ترك شيئا من الكمال فهو ناقص ولهذه النكتة عدل في التعبير للآية الثالثة عن أسلوب الآيتين حيث قال أولا وقول الله وقال ثانيا وقال وبهذا التقرير يندفع اعتراض من اعترض عليه بأن آية اكملت لكم لا دليل فيها على مراده لأن الإكمال إن كان بمعنى إظهار الحجة على المخالفين أو بمعنى إظهار أهل الدين على المشركين فلا حاجة للمصنف فيه وإن كان بمعنى إكمال الفرائض لزم عليه أنه كان قبل ذلك ناقصا وأن من مات من الصحابة قبل نزول الآية كان إيمان ناقصا وليس الأمر كذلك لأن الإيمان لم يزل تاما ويوضح دفع هذا الاعتراض جواب القاضي أبي بكر بن العربي بان النقص أمر نسبي لكن منه ما يترتب عليه الذم ومنه ما لا يترتب فالأول مانقصه بالاختيار كمن علم وظائف الدين ثم تركها عمدا والثاني مانقصه بغير اختيار كمن لم يعلم أو لم يكلف فهذا لا يذم بل يحمد من جهة أنه كان قبله مطمئنا بأنه لو زيد لقبل ولو كلف لعمل وهذا شأن الصحابة الذين ماتوا قبل نزول الفرائض ومحصله أن النقص بالنسبة إليهم صورى نسبي ولهم فيه رتبة الكمال من حيث المعنى وهذا نظير قول من يقول إن شرع محمد أكمل من شرع موسى وعيسى لاشتماله من الأحكام على ما لم يقع في الكتب التي قبله ومع هذا فشرع موسى في زمانه كان كاملا وتجدد في شرع عيسى بعده ما تجدد فالأكملية أمر نسبي كما تقرر والله أعلم |
#28
|
|||
|
|||
![]() [ 47 ] قوله المنجوفي هو بفتح الميم وسكون النون وضم الجيم وبعد الواو الساكنة فاء نسبة إلى جد جده منجوف السدوسي وهو بصري وكذا باقي رجال الإسناد غير الصحابي وروح بفتح الراء وهو بن عبادة القيسي وعوف هو بن أبي جميلة بفتح الجيم الأعرابي بفتح الهمزة وإنما قيل له ذلك لفصاحته وكنيته أبو سهل واسم أبيه بندويه بموحدة مفتوحة ثم نون ساكنة ثم دال مهملة بوزن راهويه والحسن هو بن أبي الحسن البصري ومحمد هو بن سيرين وهو مجرور بالعطف على الحسن فالحسن وابن سيرين حدثا به عوفا عن أبي هريرة أما مجتمعين وأما متفرقين فأما بن سيرين فسماعه عن أبي هريرة صحيح وأما الحسن فمختلف في سماعه منه والأكثر على نفيه وتوهيم من أثبته وهو مع ذلك كثير الإرسال فلا تحمل عنعنته على السماع وإنما أورده المصنف كما سمع وقد وقع له نظير هذا في قصة موسى فأنه أخرج فيها حديثا من طريق روح بن عبادة بهذا الإسناد وأخرج أيضا في بدء الخلق من طريق عوف عنهما عن أبي هريرة حديثا آخر واعتماده في كل ذلك على محمد بن سيرين والله أعلم قوله من اتبع هو بالتشديد وللأصيلي تبع بحذف الألف وكسر الموحدة وقد تمسك بهذا اللفظ من زعم أن المشي خلفها أفضل ولا حجة فيه لأنه يقال تبعه إذا مشى خلفه أو إذا مر به فمشى معه وكذلك اتبعه بالتشديد وهو افتعل منه فإذا هو مقول بالاشتراك وقد بين المراد الحديث الآخر المصحح عند بن حبان وغيره من حديث بن عمر في المشي أمامها وأما اتبعه بالإسكان فهو بمعنى لحق إذا كان سبقه ولم تأت به الرواية هنا قوله وكان معه أي مع المسلم وللكشميهني معها أي مع الجنازة قوله حتى يصلى بكسر اللام ويروي بفتحها فعلى الأول لا يحصل الموعود به إلا لمن توجد منه الصلاة وعلى الثاني قد يقال يحصل له ذلك ولو لم يصل أما إذا قصد الصلاة وحال دونه مانع فالظاهر حصول الثواب له مطلقا والله أعلم قوله ويفرغ بضم أوله وفتح الراء ويروي بالعكس وقد اثبتت هذه الرواية أن القيراطين إنما يحصلان بمجموع الصلاة والدفن وأن الصلاة دون الدفن يحصل بها قيراط واحد وهذا هو المعتمد خلافا لمن تمسك بظاهر بعض الروايات فزعم أنه يحصل بالمجموع ثلاث قراريط وسنذكر بقية مباحثه وفوائده في كتاب الجنائز إن شاء الله تعالى قوله تابعه أي روح بن عبادة وعثمان هو بن الهيثم وهو من شيوخ البخاري فإن كان سمع هذا الحديث منه فهو له أعلى بدرجة لكنه ذكر الموصول عن روح لكونه أشد اتقانا منه ونبه برواية عثمان على أن الاعتماد في هذا السند على محمد بن سيرين فقط لأنه لم يذكر الحسن فكأن عوفا كان ربما ذكره وربما حذفه وقد حدث به المنجوفى شيخ البخاري مرة بإسقاط الحسن أخرجه أبو نعيم في المستخرج من طريقه ومتابعة عثمان هذه وصلها أبو نعيم في المستخرج قال حدثنا أبو إسحاق بن حمزة حدثنا أبو طالب بن أبي عوانة حدثنا سليمان بن سيف حدثنا عثمان بن الهيثم فذكر الحديث ولفظه موافق لرواية روح إلا في قوله وكان معها فإنه قال بدله افلزمها وفي قوله ويفرغ من دفنها فإنه قال بدلها وتدفن وقال في آخره فله قيراط بدل قوله فإنه يرجع بقيراط والباقي سواء ولهذا الاختلاف في اللفظ قال المصنف نحوه وهو بفتح الواو أي بمعناه |
#29
|
|||
|
|||
![]() [ 48 ] قوله زبيد تقدم أنه بالزاى والموحدة مصغرا وهو بن الحارث اليامي بياء تحتانية وميم خفيفة يكنى أبا عبد الرحمن وقد روى هذا الحديث شعبة أيضا عن منصور بن المعتمر وهو عند المصنف في الأدب وعن الأعمش وهو عند مسلم ورواه بن حبان من طريق سليمان بن حرب عن شعبة عن الثلاثة جميعا عن أبي وائل وقال بن منده لم يختلف في رفعه عن زبيد واختلف على الآخرين ورواه عن زبيد غير شعبة أيضا عند مسلم وغيره قوله سألت أبا وائل عن المرجئة أي عن مقالة المرجئة ولأبي داود الطيالسي عن شعبة عن زبيد قال لما ظهرت المرجئة أتيت أبا وائل فذكرت ذلك له فظهر من هذا أن سؤاله كان عن معتقدهم وأن ذلك كان حين ظهورهم وكانت وفاة أبي وائل سنة تسع وتسعين وقيل سنة اثنتين وثمانين ففي ذلك دليل على أن بدعة الإرجاء قديمة وقد تابع أبا وائل في رواية هذا الحديث عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن أبيه أخرجه الترمذي مصححا ولفظه قتال المسلم أخاه كفر وسبابه فسوق ورواه جماعة عن عبد الله بن مسعود موقوفا ومرفوعا ورواه النسائي من حديث سعد بن أبي وقاص أيضا مرفوعا فانتفت بذلك دعوى من زعم أن أبا وائل تفرد به قوله سباب هو بكسر السين وتخفيف الموحدة وهو مصدر يقال سب يسب سبا وسبابا وقال إبراهيم الحربي السباب أشد من السب وهو أن يقول الرجل ما فيه وما ليس فيه يريد بذلك عيبه وقال غيره السباب هنا مثل القتال فيقتضى المفاعلة وقد تقدم بأوضح من هذا في باب المعاصي من أمر الجاهلية قوله المسلم كذا في معظم الروايات ولأحمد عن غندر عن شعبة المؤمن فكأنه رواه بالمعنى قوله فسوق الفسق في اللغة الخروج وفي الشرع الخروج عن طاعة الله ورسوله وهو في عرف الشرع أشد من العصيان قال الله تعالى وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان ففي الحديث تعظيم حق المسلم والحكم على من سبه بغير حق بالفسق ومقتضاه الرد على المرجئة وعرف من هذا مطابقة جواب أبي وائل للسؤال عنهم كأنه قال كيف تكون مقالتهم حقا والنبي صلى الله عليه وسلم يقول هذا قوله وقتاله كفر إن قيل هذا وأن تضمن الرد على المرجئة لكن ظاهره يقوي مذهب الخوارج الذين يكفرون بالمعاصي فالجواب إن المبالغة في الرد على المبتدع اقتضت ذلك ولا متمسك للخوارج فيه لأن ظاهره غير مراد لكن لما كان القتال أشد من السباب لأنه مفض إلى ازهاق الروح عبر عنه بلفظ أشد من لفظ الفسق وهو الكفر ولم يرد حقيقة الكفر التي هي الخروج عن الملة بل أطلق عليه الكفر مبالغة في التحذير معتمدا على ما تقرر من القواعد أن مثل ذلك لا يخرج عن الملة مثل حديث الشفاعة ومثل قوله تعالى إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء وقد أشرنا إلى ذلك في باب المعاصي من أمر الجاهلية أو أطلق عليه الكفر لشبهه به لأن قتال المؤمن من شأن الكافر وقيل المراد هنا الكفر اللغوي وهو التغطية لأن حق المسلم على المسلم أن يعينه وينصره ويكف عنه أذاه فلما قاتله كان كأنه غطى على هذا الحق والأولان أليق بمراد المصنف وأولى بالمقصود من التحذير من فعل ذلك والزجر عنه بخلاف الثالث وقيل أراد بقوله كفر أي قد يؤل هذا الفعل بشؤمه إلى الكفر وهذا بعيد وأبعد منه حمله على المستحل لذلك لأنه لا يطابق الترجمة ولو كان مرادا لم يحصل التفريق بين السباب والقتال فإن مستحل لعن المسلم بغير تأويل يكفر أيضا ثم ذلك محمول على من فعله بغير تأويل وقد بوب عليه المصنف في كتاب المحاربين كما سيأتي إن شاء الله تعالى ومثل هذا الحديث قوله صلى الله عليه وسلم لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض ففيه هذه الأجوبة وسيأتي في كتاب الفتن ونظيره قوله تعالى أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض بعد قوله ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم وتخرجون فريقا منكم من ديارهم الآية فدل على أن بعض الأعمال يطلق عليه الكفر تغليظا وأما قوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه مسلم لعن المسلم كقتله فلا يخالف هذا الحديث لأن المشبه به فوق المشبه والقدر الذي اشتركا فيه بلوغ الغاية في التأثير هذا في العرض وهذا في النفس والله أعلم وقد ورد لهذا المتن سبب ذكرته في أول كتاب الفتن في أواخر الصحيح |
#30
|
|||
|
|||
![]() [ 50 ] قوله حدثنا إسماعيل بن إبراهيم هو البصري المعروف بابن علية قال أخبرنا أبو حيان التميمي وأورده المصنف في تفسير سورة لقمان من حديث جرير بن عبد الحميد عن أبي حيان المذكور ورواه مسلم من وجه آخر عن جرير أيضا عن عمارة بن القعقاع ورواه أبو داود والنسائي من حديث جرير أيضا عن أبي فروة ثلاثتهم عن أبي زرعة عن أبي هريرة زاد أبو فروة وعن أبي ذر أيضا وساق حديثه عنهما جميعا وفيه فوائد زوائد سنشير إليها إن شاء الله تعالى ولم أر هذا الحديث من رواية أبي هريرة الا عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير هذا عنه ولم يخرجه البخاري الا من طريق أبي حيان عنه وقد أخرجه مسلم من حديث عمر بن الخطاب وفي سياقه فوائد زوائد أيضا وإنما لم يخرجه البخاري لاختلاف فيه على بعض رواته فمشهوره رواية كهمس بسين مهملة قبلها ميم مفتوحة بن الحسن عن عبد الله بن بريدة عن يحيى بن يعمر بفتح الميم أوله ياء تحتانية مفتوحة عن عبد الله بن عمر عن أبيه عمر بن الخطاب رواه عن كهمس جماعة من الحفاظ وتابعه مطر الوراق عن عبد الله بن بريدة وتابعه سليمان التيمي عن يحيى بن يعمر وكذا رواه عثمان بن غياث عن عبد الله بن بريدة لكنه قال عن يحيى بن يعمر وحميد بن عبد الرحمن معا عن بن عمر عن عمر زاد فيه حميدا وحميد له في الرواية المشهورة ذكر لا رواية وأخرج مسلم هذه الطرق ولم يسق منها الا متن الطريق الأولى وأحال الباقي عليها وبينها اختلاف كثير سنشير إلى بعضه فأما رواية مطر فأخرجها أبو عوانة في صحيحه وغيره وأما رواية سليمان التيمي فأخرجها بن خزيمة في صحيحه وغيره وأما رواية عثمان بن غياث فأخرجها أحمد في مسنده وقد خالفهم سليمان بن بريدة أخو عبد الله فرواه عن يحيى بن يعمر عن عبد الله بن عمر قال بينما نحن عند النبي صلى الله عليه وسلم فجعله من مسند بن عمر لا من روايته عن أبيه أخرجه أحمد أيضا وكذا رواه أبو نعيم في الحلية من طريق عطاء الخراساني عن يحيى بن يعمر وكذا روى من طريق عطاء بن أبي رباح عن عبد الله بن عمر أخرجه الطبراني وفي الباب عن أنس أخرجه البزار والبخاري في خلق أفعال العباد وإسناده حسن وعن جرير البجلي أخرجه أبو عوانة في صحيحه وفي إسناده خالد بن يزيد وهو العمري ولا يصلح للصحيح وعن بن عباس وأبي عامر الأشعري أخرجهما أحمد واسنادهما حسن وفي كل من هذه الطرق فوائده سنذكرها إن شاء الله تعالى في اثناء الكلام على حديث الباب وإنما جمعت طرقها هنا وعزوتها إلى مخرجيها لتسهيل الحوالة عليها فرارا من التكرار المباين لطريق الاختصار والله الموفق قوله كان النبي صلى الله عليه وسلم بارزا يوما للناس أي ظاهرا لهم غير محتجب عنهم ولا ملتبس بغيره والبروز الظهور وقد وقع في رواية أبي فروة التي أشرنا إليها بيان ذلك فإن أوله كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجلس بين أصحابه فيجيء الغريب فلا يدري أيهم هو فطلبنا إليه أن يجعل له مجلسا يعرفه الغريب إذا أتاه قال فبينا له دكانا من طين كان يجلس عليه انتهى واستنبط منه القرطبي استحباب جلوس العالم بمكان يختص به ويكون مرتفعا إذا أحتاج لذلك لضرورة تعليم ونحوه قوله فأتاه رجل أي ملك في صورة رجل وفي التفسير للمصنف إذ أتاه رجل يمشي ولأبي فروة فإنا الجلوس عنده إذ أقبل رجل أحسن الناس وجها وأطيب الناس ريحا كأن ثيابه لم يمسها دنس ولمسلم من طريق كهمس في حديث عمر بينما نحن ذات يوم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر وفي رواية بن حبان سواد اللحية لا يرى عليه أثر السفر ولا يعرفه منا أحد حتى جلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأسند ركبتيه إلى ركبتيه ووضع كفيه على فخديه وفي رواية لسليمان التيمي ليس عليه سحناء السفر وليس من البلد فتخطى حتى برك بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم كما يجلس أحدنا في الصلاة ثم وضع يده على ركبتي النبي صلى الله عليه وسلم وكذا في حديث بن عباس وأبي عامر الأشعري ثم وضع يده على ركبتي النبي صلى الله عليه وسلم فأفادت هذه الرواية أن الضمير في قوله على فخذيه يعود على النبي صلى الله عليه وسلم وبه جزم البغوي وإسماعيل التيمي لهذه الرواية ورجحه الطيبي بحثا لأنه نسق الكلام خلافا لما جزم به النووي ووافقه التوربشتى لأنه حمله على أنه جلس كهيئة المتعلم بين يدي من يتعلم منه وهذا وان كان ظاهرا من السياق لكن وضعه يديه على فخذ النبي صلى الله عليه وسلم منبه للاصغاء إليه وفيه إشارة لما ينبغي للمسئول من التواضع والصفح عما يبدو من جفاء السائل والظاهر أنه أراد بذلك المبالغة في تعمية أمره ليقوى الظن بأنه من جفاة الأعراب ولهذا تخطى الناس حتى انتهى إلى النبي صلى الله عليه وسلم كما تقدم ولهذا استغرب الصحابة صنيعه ولأنه ليس من أهل البلد وجاء ماشيا ليس عليه أثر سفر فإن قيل كيف عرف عمر أنه لم يعرفه أحد منهم أجيب بأنه يحتمل أن يكون استند في ذلك إلى ظنه أو إلى صريح قول الحاضرين قلت وهذا الثاني أولي فقد جاء كذلك في رواية عثمان بن غياث فإن فيها فنظر القوم بعضهم إلى بعض فقالوا ما نعرف هذا وأفاد مسلم في رواية عمارة بن القعقاع سبب ورود هذا الحديث فعنده في أوله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم سلوني فهابوا أن يسألوه قال فجاء رجل ووقع في رواية بن منده من طريق يزيد بن زريع عن كهمس بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب إذ جاءه رجل فكأن أمره لهم بسؤاله وقع في خطبته وظاهره أن مجيء الرجل كان في حال الخطبة فإما أن يكون وافق انقضاءها أو كان ذكر ذلك القدر جالسا وعبر عنه الراوي بالخطبة وقوله فقال زاد المصنف في التفسير يا رسول الله ما الإيمان فان قيل فكيف بدأ بالسؤال قبل السلام أجيب بأنه يحتمل أن يكون ذلك مبالغة في التعمية لأمره أو ليبين أن ذلك غير واجب أو سلم فلم ينقله الراوي قلت وهذا الثالث هو المعتمد فقد ثبت في رواية أبي فروة ففيها بعد قوله كأن ثيابه لم يمسها دنس حتى سلم من طرف البساط فقال السلام عليك يا محمد فرد عليه السلام قال أدنو يا محمد قال ادن فما زال يقول أدنو مرارا ويقول له ادن ونحوه في رواية عطاء عن بن عمر لكن قال السلام عليك يا رسول الله وفي رواية مطر الوراق فقال يا رسول الله أدنو منك قال ادن ولم يذكر السلام فاختلفت الروايات هل قال له يا محمد أو يا رسول الله هل سلم أولا فأما السلام فمن ذكره مقدم على من سكت عنه وقال القرطبي بناء على أنه لم يسلم وقال يا محمد إنه أراد بذلك التعمية فصنع صنيع الأعراب قلت ويجمع بين الروايتين بأنه بدأ أولا بندائه باسمه لهذا المعنى ثم خاطبه بقوله يا رسول الله ووقع عند القرطبي أنه قال السلام عليكم يا محمد فاستنبط منه أنه يستحب للداخل أن يعمم بالسلام ثم يخصص من يريد تخصيصه انتهى والذي وقفت عليه من الروايات إنما فيه الأفراد وهو قوله السلام عليك يا محمد قوله ما الإيمان قيل قدم السؤال عن الإيمان لأنه الأصل وثنى بالإسلام لأنه يظهر مصداق الدعوى وثلث بالإحسان لأنه متعلق بهما وفي رواية عمارة بن القعقاع بدأ بالإسلام لأنه بالأمر الظاهر وثنى بالإيمان لأنه بالأمر الباطن ورجح هذا الطيبي لما فيه من الترقى ولا شك أن القصة واحدة اختلف الرواة في تأديتها وليس في السياق ترتيب ويدل عليه رواية مطر الوراق فإنه بدأ بالإسلام وثنى بالإحسان وثلث بالإيمان فالحق أن الواقع أمر واحد والتقديم والتأخير وقع من الرواة والله أعلم قوله قال الإيمان أن تؤمن بالله الخ دل الجواب أنه علم أنه سأله عن متعلقاته لا عن معنى لفظه وإلا لكان الجواب الإيمان التصديق وقال الطيبي هذا يوهم التكرار وليس كذلك فإن قوله أن تؤمن بالله مضمن معنى أن تعترف به ولهذا عداه بالباء أي أن تصدق معترفا بكذا قلت والتصديق أيضا يعدى بالباء فلا يحتاج إلى دعوى التضمين وقال الكرماني ليس هو تعريفا للشيء بنفسه بل المراد من المحدود الإيمان الشرعي ومن الحد الإيمان اللغوي قلت والذي يظهر أنه إنما أعاد لفظ الإيمان للاعتناء بشأنه تفخيما لأمره ومنه قوله تعالى قل يحييها الذي أنشأها أول مرة في جواب من يحيى العظام وهي رميم يعني أن قوله أن تؤمن ينحل منه الإيمان فكأنه قال الإيمان الشرعي تصديق مخصوص و إلا لكان الجواب الإيمان التصديق والإيمان بالله هو التصديق بوجوده وأنه متصف بصفات الكمال منزه عن صفات النقص قوله وملائكته الإيمان بالملائكة هو التصديق بوجودهم وأنهم كما وصفهم الله تعالى عباد مكرمون وقدم الملائكة على الكتب والرسل نظرا للترتيب الواقع لأنه سبحانه وتعالى أرسل الملك بالكتاب إلى الرسول وليس فيه متمسك لمن فضل الملك على الرسول قوله وكتبه هذه عند الأصيلي هنا واتفق الرواة على ذكرها في التفسير والإيمان بكتب الله التصديق بأنها كلام الله وأن ما تضمنته حق قوله وبلقائه كذا وقعت هنا بين الكتب والرسل وكذا لمسلم من الطريقين ولم تقع في بقية الروايات وقد قيل إنها مكررة لأنها داخلة في الإيمان بالبعث والحق أنها غير مكررة فقيل المراد بالبعث القيام من القبور والمراد باللقاء ما بعد ذلك وقيل اللقاء يحصل بالانتقال من دار الدنيا والبعث بعد ذلك ويدل على هذا رواية مطر الوراق فإن فيها وبالموت وبالبعث بعد الموت كذا في حديث أنس وابن عباس وقيل المراد باللقاء رؤية الله ذكره الخطابي وتعقبه النووي بأن أحدا لا يقطع لنفسه برؤية الله فأنه مختصة بمن مات مؤمنا والمرء لا يدري بم يختم له فكيف يكون ذلك من شروط الإيمان وأجيب بأن المراد الإيمان بأن ذلك حق في نفس الأمر وهذا من الأدلة القوية لأهل السنة في اثبات رؤية الله تعالى في الآخرة إذ جعلت من قواعد الإيمان قوله ورسله وللأصيلي وبرسله ووقع في حديث أنس وابن عباس والملائكة والكتاب والنبيين وكل من السياقين في القرآن في البقرة والتعبير بالنبيين يشمل الرسل من غير عكس والإيمان بالرسل التصديق بأنهم صادقون فيما أخبروا به عن الله ودل الإجمال في الملائكة والكتب والرسل على الاكتفاء بذلك في الإيمان بهم من غير تفصيل الا من ثبت تسميته فيجب الإيمان به على التعيين وهذا التريب مطابق للآية آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه ومناسبة الترتيب المذكور وإن كانت الواو لا ترتب بل المراد من التقديم أن الخير والرحمة من الله ومن أعظم رحمته أن أنزل كتبه الى عباده والمتلقى لذلك منهم الأنبياء والواسطة بين الله وبينهم الملائكة قوله وتؤمن بالبعث زاد في التفسير الآخر ولمسلم في حديث عمرو اليوم الآخر فأما البعث الآخر فقيل ذكر الآخر تأكيدا كقولهم أمس الذاهب وقيل لأن البعث وقع مرتين الأولى الإخراج من العدم إلى الوجود أو من بطون الأمهات بعد النطفة والعلقة إلى الحياة الدنيا والثانية البعث من بطون القبور إلى محل الاستقرار وأما اليوم الآخر فقيل له ذلك لأنه آخر أيام الدنيا أو آخر الأزمنة المحدودة والمراد بالإيمان به والتصديق بما يقع فيه من الحساب والميزان والجنة والنار وقد وقع التصريح بذكر الأربعة بعد ذكر البعث في رواية سليمان التيمي وفي حديث بن عباس أيضا فائدة زاد الإسماعيلي في مستخرجه هنا وتؤمن بالقدر وهي في رواية أبي فروة أيضا وكذا لمسلم من رواية عمارة بن القعقاع وأكده بقوله كله وفي رواية كهمس وسليمان التيمي وتؤمن بالقدر خيره وشره وكذا في حديث بن عباس وهو في رواية عطاء عن بن عمر بزيادة وحلوه ومر من الله وكأن الحكمة في إعادة لفظ وتؤمن عند ذكر البعث الإشارة إلى أنه نوع آخر مما يؤمن به لأن البعث سيوجد بعد وما ذكر قبله موجود الآن وللتنويه بذكره لكثرة من كان ينكره من الكفار ولهذا كثر تكراره في القرآن وهكذا الحكمة في إعادة لفظ وتؤمن عند ذكر القدر كأنها أشارة الى ما يقع فيه من الاختلاف فحصل الاهتمام بشأنه بإعادة تؤمن ثم قرره بالابدال بقوله خيره وشره وحلوه ومره ثم زاده تأكيدا بقوله في الرواية الأخيرة من الله والقدر مصدر تقول قدرت الشيء بتخفيف الدال وفتحها أقدره بالكسر والفتح قدرا وقدرا إذا احطت بمقداره والمراد أن الله تعالى علم مقادير الأشياء وازمانها قبل ايجادها ثم أوجد ما سبق في علمه أنه يوجد فكل محدث صادر عن علمه وقدرته وارادته هذا هو المعلوم من الدين بالبراهين القطعية وعليه كان السلف من الصحابة وخيار التابعين إلى أن حدثت بدعة القدر في أواخر زمن الصحابة وقد روى مسلم القصة في ذلك من طريق كهمس عن بن بريدة عن يحيى بن يعمر قال كان أول من قال في القدر بالبصرة معبد الجهني قال فانطلقت أنا وحميد الحميري فذكر اجتماعهما بعبد الله بن عمر وأنه سأله عن ذلك فأخبره بأنه برئ ممن يقول ذلك وأن الله لا يقبل ممن لم يؤمن بالقدر عملا وقد حكى المصنفون في المقالات عن طوائف من القدرية إنكار كون البارىء عالما بشيء من أعمال العباد قبل وقوعها منهم وإنما يعلمها بعد كونها قال القرطبي وغيره قد انقرض هذا المذهب ولا نعرف أحدا ينسب إليه من المتأخرين قال والقدرية اليوم مطبقون على أن الله عالم بأفعال العباد قبل وقوعها وإنما خالفوا السلف في زعمهم بأن افعال العباد مقدورة لهم وواقعة منهم على جهة الاستقلال وهو مع كونه مذهبا باطلا أخف من المذهب الأول وأما المتأخرون منهم فأنكروا تعلق الإرادة بأفعال العباد فرارا من تعلق القديم بالمحدث وهم مخصومون بما قال الشافعي إن سلم القدري العلم خصم يعني يقال له ايجوز أن يقع في الوجود خلاف ما تضمنه العلم فإن منع وافق قول أهل السنة وإن أجاز لزمه نسبة الجهل تعالى الله عن ذلك تنبيه ظاهر السياق يقتضى أن الإيمان لايطلق إلا على من صدق بجميع ما ذكر وقد اكتفى الفقهاء بإطلاق الإيمان على من آمن بالله ورسوله ولا اختلاف أن الإيمان برسول الله المراد به الإيمان بوجوده وبما جاء به عن ربه فيدخل جميع ما ذكر تحت ذلك والله أعلم قوله أن تعبد الله قال النووي يحتمل أن يكون المراد بالعبادة معرفة الله فيكون عطف الصلاة وغيرها عليها لادخالها في الإسلام ويحتمل أن يكون المراد بالعبادة الطاعة مطلقا فيدخل فيه جميع الوظائف فعلى هذا يكون عطف الصلاة وغيرها من عطف الخاص على العام قلت أما الاحتمال الأول فبعيد لأن المعرفة من متعلقات الإيمان وأما الإسلام فهو أعمال قولية وبدنية وقد عبر في حديث عمر هنا بقوله أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله فدل على أن المراد بالعبادة في حديث الباب النطق بالشهادتين وبهذا تبين دفع الاحتمال الثاني ولما عبر الراوي بالعبادة أحتاج أن يوضحها بقوله ولا تشرك به شيئا ولم يحتج إليها في رواية عمر لاستلزامها ذلك فإن قيل السؤال عام لأنه سأل عن ماهية الإسلام والجواب خاص لقوله أن تعبد أو تشهد وكذا قال في الإيمان أن تؤمن وفي الإحسان أن تعبد والجواب أن ذلك لنكتة الفرق بين المصدر وبين أن والفعل لأن أن تفعل تدل على الاستقبال والمصدر لا يدل على زمان على أن بعض الرواة أورده هنا بصيغة المصدر ففي رواية عثمان بن غياث قال شهادة أن لا إله إلا الله وكذا في حديث أنس وليس المراد بمخاطبته بالافراد اختصاصه بذلك بل المراد تعليم السامعين الحكم في حقهم وحق من أشبههم من المكلفين وقد تبين ذلك بقوله في آخره يعلم الناس دينهم فإن قيل لم لم يذكر الحج أجاب بعضهم باحتمال أنه لم يكن فرض وهو مردود بما رواه بن منده في كتاب الإيمان بإسناده الذي على شرط مسلم من طريق سليمان التيمي في حديث عمر أوله أن رجلا في آخر عمر النبي صلى الله عليه وسلم جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث بطوله وآخر عمره يحتمل أن يكون بعد حجة الوداع فأنها آخر سفراته ثم بعد قدومه بقليل دون ثلاثة أشهر مات وكأنه إنما جاء بعد إنزال جميع الأحكام لتقرير أمور الدين التي بلغها متفرقة في مجلس واحد لتنضبط ويستنبط منه جواز سؤال العالم ما لا يجهله السائل ليعلمه السامع وأما الحج فقد ذكر لكن بعض الرواة إما ذهل عنه |
![]() |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|